امرئ ما نوى» (١). يقتضي قدمها. إذ لو كانت حادثة لكانت واقعة بكلمة كن أخرى سابقة ويتسلسل. وإن جعلتم هذا الكلام لا على حقيقة ، بل مجازا عن سرعة الإيجاد ، فلا دلالة فيه على حدوث «كن» ـ قوله ـ
حقيقته إذ ليس قولنا لشيء من الأشياء عند تكوينه إلّا هذا القول وهو لا يقتضي ثبوت هذا القول لكل شيء.
ألا ترى أنك إذا قلت ما قولي لأحد من الناس عند إرشاده إلا أن أقول له تعلم لم تدل على أنك تقول : تعلم لكل أحد بل على أنك لو قلت في حقه شيئا لم يكن إلا هذا القول ـ قوله ـ.
(قال :
لا لمجرد أنه دال على كلامه القديم بل لأنه إنشاءه لرقمه في اللوح أو لحروفه في الملك ويخص العربية منه باسم القرآن وهو المتعارف عند العامة ، وفي علم الأصول ، وإليه يرجع الخواص المذكورة ثم الصحيح أن المعتبر خصوص التأليف لا يغير المحل مما نقرؤه يكون نفس القرآن لا مثله ويثبت القول بقدر حصوله في اللسان أو المصحف للتأدب ودفع الوهم.
هذا لا بمجرد أنه ذاك المشهور في كلام الأصحاب. أنه ليس إطلاق كلام الله تعالى على هذا المنتظم من الحروف المسموعة إلا بمعنى أنه دال على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان هذا الإطلاق بحاله ، لكن المرضي عندنا أن له اختصاصا آخر بالله تعالى ، وهو أنه أخبر (٢) عنه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله تعالى : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٣).
__________________
(١) الحديث رواه البخاريّ في بدء الوحي ١ وإيمان ٤١ والنكاح ٥ والطلاق ١١ ومناقب الأنصار ٤٥ ورواه مسلم في الإمارة ١٥٥ وأبو داود في الطلاق ١١ والترمذيّ في فضائل الجهاد ١٦ والنسائيّ في الطهارة ٥٩ والطلاق ٣٤ وابن ماجه في الزهد ٢٦ ، وأحمد بن حنبل ١ : ٢٥ ، ٤٣.
(٢) في (ب) اخترعه بدلا من (أخبر عنه).
(٣) سورة البروج آية رقم ٢١ ، ٢٢.