فإن قيل : إذا جاز كون العلم باقيا ببقاء هو نفسه ، فلم لا يجوز كون الذات عالما بعلم هو نفسه ، قادرا بقدرة هي نفسه إلى غير ذلك على ما هو رأي المعتزلة.
قلنا : لما سبق في بحث زيادة الصفات من لزوم الفسادات ويرد على هذا الوجه أنه إذا جاز كون بقاء العلم نفسه ، فلم لا يجوز أن يكون بقاء الذات نفسه ، ولا تثبت صفة زائدة؟
فإن قيل : الأصل زيادة الصفة إلا لمانع ، وهو هاهنا لزوم قيام المعنى بالمعنى ، ولم يوجد في بقاء الذات.
قلنا : خطأ ومعارضة بأن الأصل عدم تكثر القدماء إلا لقاطع.
الوجه الثالث للأشعريّ : أن الصفات باقية ببقاء هو بقاء الذات ، وجاز ذلك لعدم المغايرة بين الذات والصفات بخلاف الجوهر مع أعراضه فلذا لم يكن بقاؤه بقاء لها. ويرد عليه أن الصفات كما أنها ليست غير الذات فليست عينه أيضا ، وكما امتنع اتصاف الشيء بصفة قائمة بالغير فكذا بصفة قائمة بما ليس نفس ذلك الشيء. وأما الاعتراض بأنه لو كانت الصفات باقية ببقاء الذات لعدم التغاير لكانت عالمة بعلمه ، قادرة بقدرته إلى غير ذلك فليس بشيء لأن ذلك فرع صحة (١) من الانصاف وقد صح كون العلم مثلا باقيا بخلاف كونه قادرا.
(قال : ومنها التكوين.
أثبته بعض الفقهاء تمسكا بأنه تعالى خالق إجماعا فلا بد من قيام صفة به يسميها (٢) إلى التخليق والترزيق والإحياء والإماتة ونحو ذلك بحسب اختلاف المتعلقات وتكون أزلية كسائر الصفات. ورد بأن ذلك في الصفات الحقيقية وليس الإيجاد إلا معنى يعقل من تعلق المؤثر بالأثر وذلك فيما لا يزال.
قالوا : تمدح في كلامه الأزلي بأنه الخالق البارئ المصور فلو لم يكن ذلك إلا فيما
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (صحة).
(٢) في (خ) نسبتها إلى بدلا من (يسميها).