لا يزال لزم التمدح بما ليس فيه الكمال بعد النقصان قلنا كالتمدح بقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (١) (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٢).
وحقيقته أنه في الأزل بحيث يحصل له ذلك فيما لا يزال قالوا : اعترفتم بأنه يكون الأشياء في أوقاتها بكلمة أزلية هي (كن)
وهو المعنى بالتكوين. قلنا : فيعود إلى صفة الكلام. قالوا : صفة كمال. فالخلو عنه نقص. قلنا : نعم. حيث أمكن وإمكانه في الأزل ممنوع وعورضت الوجوه بأنه لا يعقل من التكوين إلا الإحداث والإخراج من العدم إلى الوجود كما فسرتموه. وهو من (٣) الإضافات الفعلية (٤) لا الصفات الحقيقية. كما مرّ. وبأنه لو كان قديما لزم قدم المكون ضرورة امتناع الانفكاك.
فإن قيل بل صفة بها تتكون الأشياء لأوقاتها وتخرج من العدم إلى الوجود وليست القدرة مقتضاها الصحة ، ومقتضى التكوين الوجود. على أنه لما دام وترتب عليه الأثر بعد حين لم يلزم الانفكاك ولم يكن كضرب بلا مضروب.
قلنا : ولما قلتم انها غير القدرة المقرونة بالإرادة؟ وهل القدرة إلا صفة تؤثر على وفق الإرادة؟ ولهذا قال الإمام الرازي : إن تلك الصفة إما أن تؤثر على سبيل الجواز فلا تتميز عن القدرة أو على سبيل الوجوب فلا يكون الواجب مختارا وما نقل عن الشيخ أن التكوين هو المكون فقيل : معناه أن المفهوم من اطلاق الخلق هو المخلوق أو أنه إذا أثر شيء في شيء فالذي حصل في الخارج هو الأثر لا غير).
ومنها : التكوين. اشتهر (٥) القول به عن الشيخ أبي منصور الماتريديّ وأتباعه وهم ينسبونه إلى قدمائهم الذين كانوا قبل الشيخ أبي الحسن الأشعريّ حتى (٦) قالوا : إن
__________________
(١) سورة الجمعة آية رقم ١ وسورة التغابن آية رقم ١.
(٢) سورة الزخرف آية رقم ٨٤.
(٣) سقط من (ج) حرف الجر (من).
(٤) في (ج) العقلية بدلا من (الفعلية).
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (اشتهر).
(٦) في (ب) حين بدلا من (حتى).