قول أبي جعفر الطحاويّ (١) له الربوبية ولا مربوب ، والخلقية ولا مخلوق. إشارة إلى هذا وفسروه بإخراج المعدوم من العدم إلى الوجود ثم أطنبوا في إثبات أزليته ومغايرته للقدرة.
(وكونه غير الكون. وإن أزليته لا تستلزم أزلية المكونات ، إلا أنهم سكتوا عما هو أصل الباب أعني مغايرته للقدرة) (٢).
من حيث تعلقها بأحد طرفي الفعل والترك ، واقترانها بإرادته ، والعمدة في إثباته أن الباري تعالى مكون الأشياء إجماعا وهو بدون صفة التكوين محال ، كالعالم بلا علم ، ولا بد أن تكون أزلية لامتناع قيام الحوادث بذات الله تعالى ، ثم تختلف أسماؤها ، بحسب اختلاف الآثار فمن حيث حصول المخلوقات به تسمى تخليقا ، والأرزاق ترزيقا والصور تصويرا ، والحياة إحياء ، والموت إماتة إلى غير ذلك.
وأجيب بأن ذلك إنما يكون هو (٣) في الصفات الحقيقية كالعلم والقدرة.
ولا نسلم أن التأثير والإيجاد كذلك ، بل هو معنى يعقل من إضافة المؤثر إلى الأثر ، فلا يكون إلا فيما لا يزال ، ولا يفتقر إلا إلى صفة القدرة والإرادة ، وقد يستدل بوجوه أخر.
أحدها : أن الباري تعالى تمدح في كلامه الأزلي بأنه الخالق البارئ المصور فلو لم يثبت التخليق والتصور في الأزل ، بل فيما لا يزال لكان (٤) ذلك تمدحا من الله تعالى بما ليس فيه وهو محال ، ولزم اتصافه بصفة الكمال بعد خلوه عنها وهو عليه محال.
__________________
(١) الطحاويّ : هو أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاويّ ، أبو جعفر فقيه انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر ، ولد ونشأ في (طحا) من صعيد مصر وتفقه على مذهب الشافعي ، ثم تحول حنفيا ورحل إلى الشام سنة ٢٦٨ ه توفي بالقاهرة عام ٣٢١ ه من كتبه : شرح معاني الآثار ، ومشكل الآثار ، والعقيدة الطحاوية وغير ذلك ، راجع طبقات الحفاظ للسيوطي والفهرست لابن النديم وابن خلكان ١ : ١٩.
(٢) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (هو).
(٤) سقط من (أ) لفظ (ذلك).