وأجيب : بأنه كالتمدح بقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(١)
وقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٢) أي معبود ، ولا شك أن ذلك بالفعل إنما يكون فيما لا يزال لا في الأزل والإخبار عن الشيء في الأزل لا يقتضي ثبوته فيه كذكر الأرض والسماء والأنبياء وغير ذلك. نعم هو في الأزل بحيث تحصل له هذه التعلقات والإضافات فيما لا يزال لما له (٣) من صفات الكمال.
وثانيها : أن الأشاعرة يقولون في قوله تعالى (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤) أنه قد جرت العادة الإلهية أن تكون الأشياء لأوقاتها بكلمة أزلية هي كلمة (كن) ولا نعني بصفة التكوين إلا هذا.
وأجيب : بأنه حينئذ يعود إلى صفة الكلام ولا تثبت صفة أخرى على أن الأكثر يجعلونه مجازا عن سرعة الإيجاد والتكوين لما له من كمال العلم والقدرة والإرادة.
وثالثها : أن التكوين والإيجاد صفة كمال ، فلو خلا عنها في الأزل لكان نقصا وهو عليه محال.
وأجيب : بأن ذلك إنما هو فيما يصح اتصافه به في الأزل. ولا نسلم أن التكوين والإيجاد بالفعل ، كذلك. نعم هو في الأزل قادر عليه ولا كلام فيه ، ثم عورضت الوجوه المذكورة بوجهين :
أحدهما : لا يعقل من التكوين إلا الإحداث وإخراج المعدوم من العدم إلى الوجود كما فسره القائلون بالتكوين الأزلي ولا خفاء في أنه إضافة يعتبرها العقل من نسبة المؤثر إلى الأثر فلا يكون عينيا موجودا ثابتا في الأزل.
__________________
(١) سورة الجمعة آية رقم ١ وسورة التغابن آية رقم ١.
(٢) سورة الزخرف آية رقم ٨٤.
(٣) في (ب) فيه بدلا من (له).
(٤) سورة النحل آية رقم ٤٠.