والطعوم والروائح والاعتقادات وغير ذلك ملتزم وانكارها استبعاد وعدم الرؤية متحقق كسائر العاديات).
وثانيهما : تمسك المتقدمون من أهل السنة في إمكان الرؤية بدليل عقلي. تقريره أنا نرى الجواهر والأعراض بحكم الضرورة كالأجسام والأضواء والألوان والأكوان (١) ، وباتفاق الخصوم. وإن زعم البعض منهم في بعض الأعراض أنها أجسام وفي الطول الذي هو جواهر ممتدة أنه عرضه. وردّ بأنه يدرك الطول بمجرد تأليف عدة من (٢) الجواهر في سمت ، وإن لم يخطر بالبال شيء من الأعراض.
وقد يستدل على رؤية القبيلين بأنا نميز بالبصر بين نوع ونوع من الأجسام كالشجر والحجر ، ونوع ونوع من الألوان كالسواد والبياض من غير أن يقوم شيء منها بآلة الإبصار.
وبالجملة لما صحت رؤيتهما وصحة الرؤية أمر يتحقق عند الوجوب ، وينتفي عند العدم لزم أن يكون لها علة لامتناع الترجح بلا مرجح ، وأن يكون تلك العلة مشتركة بين الجوهر والعرض لما مرّ من امتناع تعليل الواحد بعلتين وهي إما الوجود وإما الحدوث ، إذ لا ثالث يصح للعلية والحدوث أيضا غير صالح لأنه بالعدم وهو اعتباري محض أو عن الوجود بعد العدم. ولا مدخل للعدم فتعين الوجود ، وهو مما يشترك فيه الواجب لما مرّ في مبحث الوجود (٣) عبارة عن مسبوقية الوجود فلزم صحة رؤيته وهو المطلوب.
واعترض عليه بوجوه يندفع أكثرها بما دلّ عليه كلام إمام الحرمين من أن المراد بالعلة هاهنا ما يصلح متعلقا بالرؤية لا المؤثر في الصحة على ما فهمه الأكثرون.
فالاعتراض الأول : أن الصحة معناها الإمكان وهو أمر اعتباري لا يفتقر إلى علة موجودة بل يكفيه الحدوث الذي هو أيضا اعتباري. ووجه اندفاعه أن ما لا تحقق له في الأعيان لا يصلح متعلقا للرؤية بالضرورة.
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (الأكوان).
(٢) في (ب) هذه بدلا من (عدة).
(٣) سقط من (ب) من أول : بالعدم وهو اعتباري إلى : في مبحث الوجود.