وقوله صلىاللهعليهوسلم «فيرفع الحجاب فينظرون إلى وجه الله تعالى (١) عزوجل» وقوله صلىاللهعليهوسلم : «وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه») (٢).
قوله : وعلى الوقوع الإجماع والنص. أما الإجماع (٣) لا خفاء في أن إثبات وقوع الرؤية لا يمكن إلا بالأدلة السمعية. وقد احتجوا عليه بالإجماع والنص. أما الإجماع فاتفاق الأمة قبل حدوث المخالف على وقوع الرؤية. وكون الآيات والأحاديث الواردة فيها على ظواهرها حتى روى حديث الرؤية أحد وعشرون رجلا من كبار الصحابة ، وأما النص فمن الكتاب قوله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٤) فإن النظر الموصول بإلى إما بمعنى الرؤية ، أو ملزوم لها بشهادة النقل عن أئمة اللغة ، والتتبع لموارد استعماله وإما مجاز عنها لكونه عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي طلبا لرؤيته وقد تعذر هاهنا الحقيقة لامتناع المقابلة والجهة فتعين الرؤية لكونها أقرب المجازات بحيث التحق بالحقائق بشهادة العرف والتقديم بمجرد الاهتمام ورعاية الفاصلة دون الحصر أو للحصر ادعاء. بمعنى أن المؤمنين لاستغراقهم في مشاهدة جماله ، وقصر النظر على عظمة جلاله ، كأنهم لا يلتفتون إلى ما سواه ولا يرون إلا الله.
واعترض بأن (إلى) هاهنا ليست حرفا بل اسما بمعنى النعمة واحد الآلاء وناظرة من النظر بمعنى الانتظار كما في قوله تعالى (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (٥) ولو سلم فالموصول (بإلى) أيضا قد يجيء بمعنى (٦) الانتظار كما في قول الشاعر :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
إلى الرحمن يأتي الفلاح |
وقوله :
وشعث ينظرون إلى بلال |
|
كما نظر الظماء حيا الغمام |
وقوله :
كل الخلائق ينظرون سجاله |
|
نظر الحجيج إلى طلوع هلال |
__________________
(١) (٢) الحديثان رواهما البخاريّ في التفسير سورة ٥٥ ، والتوحيد ٢٤ ، ومسلم في الأيمان ٢٩٦ والترمذيّ في الجنة ٣ ، وابن ماجه في المقدمة ١٣.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (الإجماع).
(٤) سورة القيامة آية رقم ٢٢ ، ٢٣.
(٥) سورة الحديد آية رقم ١٣.
(٦) في (ب) يجب بدلا من (يجيء).