استعمال الفصحاء وصحة الاستثناء فالله سبحانه قد أخبرنا بأنه لا يراه أحد في المستقبل ، فلو رآه المؤمنون في الجنة لزم كذبه وهو محال.
لا يقال : إذا كان الجمع للعموم فدخول النفي عليه يفيد سلب العموم ونفي الشمول على ما هو معنى السلب الجزئي لا عموم السلب وشمول النفي على ما هو معنى (١) السلب الكلي فلا يكون إخبارا بأنه لا يراه أحد بل لا يراه كل أحد والأمر كذلك. لأن الكفار لا يرونه (٢) لأنا نقول كما يستعمل لسلب العموم مثل ما قام العبيد كلهم ، ولم آخذ الدراهم كلها كذلك يستعمل لعموم السلب كقوله تعالى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٣) (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) (٤) وكذلك صريح كلمة كل مثل لا يفلح كل أحد ، ولا أقبل كل درهم. ومثل (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٥) (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) (٦) وتحقيقه أنه إذا (٧) اعتبرت النسبة إلى الكل أولا ثم نفيت فهو لسلب العموم ، وإن اعتبر النفي أولا ثم نسب إلى الكل فلعموم السلب ، وكذلك جميع القيود حتى إن الكلام المشتمل على نفي وقيد ، قد يكون لنفي التقييد وقد يكون (٨) لتقييد النفي فمثل ما ضربته تأديبا ، أي بل إهانة سلب للتعليل والعمل للفعل. وما ضربته إكراما له أي تركت ضربه للإكرام تعليل للسلب والعمل للنفي. وما جاءني راكبا أي بل ماشيا ، نفي للكيفية ، وما حج مستطيعا أي ترك (٩) الحج مع الاستطاعة تكيف للنفي ، وعلى هذا الأصل ينبني أن (١٠)
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (معنى)
(٢) في (أ) بزيادة (لأن الكفار لا يرونه)
(٣) سورة غافر آية رقم ٣١ وفي المخطوطة (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) وهي الآية في سورة آل عمران رقم ١٠٣.
(٤) سورة الأحزاب آية رقم ٤٨.
(٥) سورة الحديد آية رقم ٢٣.
(٦) سورة القلم آية رقم ١٠.
(٧) في (أ) إن بدلا من (إذا)
(٨) سقط من (ب) (لنفي التقييد وقد يكون).
(٩) في (أ) بزيادة (أي ترك).
(١٠) في (أ) بزيادة (أن).