بالقدرة الاكتسابية (١) لأنها تتعلق بالذوات ، وأحوالها ، وهي مختلفة ، ومنها أن من فعل العبد الإيمان والطاعات وكثير من الحسنات ومن خلق الله تعالى الأجسام والأعراض والشياطين وكثير من المؤذيات ، ولا شك أن الأول أحسن من الثاني وأشرف ، فلو كان العبد خالقا لفعله لكان أحسن وأشرف من الله تعالى خلقا وإصلاحا وإرشادا.
فإن قيل : القدرة على الإيمان أحسن وأوضح وأصلح من الإيمان لتوقفه عليها وهي بخلق الله تعالى.
قلنا : فيلزم أن تكون القدرة على الشر والتمكن منه شرا من الكفر وأقبح منه. ومنها أن الأمة مجموعة على صحة تضرع العبد إلى الله تعالى في أن يرزقه الإيمان والطاعة ، ويجنبه الكفر والمعصية ، ولو لا أن الكل بخلق الله تعالى لما صح ذلك.
إذ لا وجه لحمله على سؤال الإقدار والتمكين لأنه حاصل أو التقدير والتثبيت لأنه عائد إلى الحصول في الزمان الثاني ، وذلك عندهم بقدرة العبد ، ومنها أن (٢) الأمة مجمعون على صحة ذلك بل وجوب حمد الله وشكره على نعمة الإيمان نفسه ، ولا يتصور ذلك إلا إذا كان بخلقه وإعطائه ، وإن كان لكسب العبد مدخل فيه ، فأما الشكر على مقدماته من الإقدار والتمكين والتوفيق والتعريف ونحو ذلك فشيء آخر فإن قيل : لو استحق بخلق الإيمان المدح لاستحق بخلق الكفر الذم.
قلنا : ممنوع فإن من شأنه استحقاق المدح والشكر بخلق الحسنات ، وإيصال النعم لا الذم بخلق القبائح ، وإرسال النقم ، لأنه المالك فله الأمر كله ، لا يقبح منه خلق القبيح.
فإن قيل : فعندكم الإيمان مخلوق الله تعالى وعندهم مخلوق العبد ، وقد ذكر في بعض الفتاوى أن من قال : الإيمان مخلوق كفر ، فما وجهه ...؟
__________________
(١) في (ب) بالقوة بدلا من (بالقدرة).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (أن).