السادس : الآيات الشاهدة بنفي إرادته للقبائح وبالتوبيخ والرد على من يقول بذلك كقوله تعالى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (١) (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) (٢) (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (٣) (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٤) (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٥) (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٦) (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) (٧) الآية وذلك لأن الله تعالى ذم المشركين ووبخهم على ادعائهم أن الكفر بمشيئة الله تعالى ، وكذبهم وآباءهم في ذلك وعاقبهم عليه ، وحكم بأنهم يتبعون فيه الظن دون العلم ، وأنه كذب صراح.
والجواب : أنه لا يتصور منه الظلم لأن ما يفعله بالعباد تصرف منه في ملكه.
فالإتيان (٨) نفي للظلم بنفي لازمه أعني الإرادة لأن ما يفعله القادر المختار لا يكون إلا مرادا ، وليس فيهما أنه لا يريد ظلم زيد على عمرو لظهور أن المعنى على أنه لا يريد ظلما منه ، وأما نفي الأمر والرضاء والمحبة فلا نزاع فيه لما في المحبة والرضا من الاستحسان وترك الاعتراض ، وإرادة الإنعام ، فهو يريد كفر الكافر ويخلقه ، ومع هذا يبغضه وينهاه عنه ويعاقبه عليه ولا يرضاه.
وأما رد مقال المشركين فلقصدهم بذلك الهزء والسخرية ، وتمهيدا لعذر في الإشراك كما إذا قال القدريّ استهزاء بالسني ، وقصد إلى إلزامه لو شاء الله رجوعي إلى مذهبكم وخلق في عقائدكم لرجعت ، والدليل عليه أنه قال تعالى (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٩) فجعل مقالهم تكذيبا لا كذبا ، ورتب عذاب الآباء على تكذيبهم
__________________
(١) سورة غافر آية رقم ٣١.
(٢) سورة آل عمران آية رقم ١٠٨.
(٣) سورة الأعراف آية رقم ٢٨.
(٤) سورة الزمر آية رقم ١٧.
(٥) سورة البقرة آية رقم ٢٠٥.
(٦) سورة الذاريات آية رقم ٥٦.
(٧) سورة الأنعام آية رقم ١٤٨.
(٨) في (ب) فالآيتان وهو تحريف.
(٩) سورة الأنعام آية رقم ١٤٨.