العالم شيء ما له العلم لا نفس العلم ، والشيخ أخذ المدلول أعم ، واعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة ، فزعم أن مدلول الخالق الخلق ، وهو غير الذات ، ومدلول العالم العلم وهو لا عين ولا غير ، وتمسكوا في ذلك بالعقل والنقل ، أما العقل ، فلأنه لو كانت الأسماء غير الذات لكانت حادثة ، فلم يكن الباري تعالى في الأزل إلها وعالما وقادرا ونحو ذلك وهو محال بخلاف الخالقية فإنه يلزم من قدمها قدم المخلوق إذا أريد الخالق بالفعل ، كالقاطع في قولنا السيف قاطع عند الوقوع بخلاف قولنا السيف قاطع في الغمد ، بمعنى أن من شأنه ذلك ، فإن الخالق ح معناه الاقتدار على ذلك ، وأما النقل فلقوله تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) (١) والتسبيح إنما هو للذات دون اللفظ وقوله تعالى (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) (٢) وعبادتهم إنما هي للأصنام التي هي المسميات دون الأسامي ، وأما التمسك بأن الاسم لو كان غير المسمى لما كان قولنا محمد رسول الله حكما بثبوت (٣) الرسالة للنبيصلىاللهعليهوسلم ، بل لغيره فشبهة واهية (٤). فإن الاسم وإن لم يكن (٥) نفس المسمى لكنه دال عليه ، ووضع الكلام على أن تذكر الألفاظ ويرجع الأحكام إلى المدلولات ، كقولنا زيد كاتب ، أي مدلول زيد متصف بمعنى الكتابة ، وقد يرجع بمعونة القرينة إلى نفس اللفظ ، كما في قولنا : زيد مكتوب ، وثلاثي ، ومعرب ، ونحو ذلك.
وأجيب عن الأول : بأن الثابت في الأزل معنى الإلهية ، والعلم ، ولا يلزم من انتفاء الاسم بمعنى اللفظ (٦) ، انتفاء ذلك المعنى.
وعن الثاني : بأن معنى تسبيح الاسم تقديسه ، وتنزيهه ، عن أن يسمى به الغير أو عن يفسر بما لا يليق ، أو عن يذكر على غير وجه التعظيم (٧) ، أو هو كناية عن
__________________
(١) سورة الأعلى آية رقم ١
(٢) سورة يوسف آية رقم ٤٠
(٣) سقط من (ب) لفظ (بثبوت)
(٤) في (ب) ضعيفة بدلا من (واهية)
(٥) سقط من (ب) لفظ (يكن)
(٦) سقط من (أ) كلمة (اللفظ)
(٧) سقط من (أ) لفظ (وجه)