تسبيح الذات كما في قولهم : سلام على المجلس الشريف ، والجناب المنيف ، وفيه من التعظيم والإجلال ما لا يخفى (١) ، أو لفظ الاسم مقحم كما في قول الشاعر : ثم اسم السلام عليكما. ومعنى عبادة الأسماء أنهم يعبدون الأصنام التي ليس فيها من الإلهية إلا مجرد الاسم. كمن سمى نفسه بالسلطان ، وليست عنده آلات السلطنة وأسبابها ، فيقال إنه فرح من السلطنة بالاسم على أن في تقرير الاستدلال اعترافا بالمغايرة حيث يقال التسبيح لذات الرب دون اسمه ، والعبادة لذوات الأصنام دون أساميها ، بل ربما يدعي أن في الآيتين دلالة على المغايرة حيث أضيف الاسم إلى الرب ، وجعل الأسماء بتسميتهم ، وجعلهم مع القطع بأن أشخاص الأصنام ليست كذلك ، ثم عورض الوجهان لوجهين :
الأول : أن الاسم لفظ وهو عرض غير باق ، ولا قائم بنفسه ، متصف بأنه مركب من الحروف ، وبأنه عجمي أو عربي ثلاثي أو رباعي ، والمسمى معنى لا يتصف بذلك وربما يكون جسما قائما بنفسه متصفا بالألوان متمكنا في المكان إلى غير ذلك من الخواص فكيف يتحدان.
الثاني : قوله تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (٢) وقوله عليهالسلام «إن لله تعالى تسعا وتسعين اسما» (٣) مع القطع بأن المسمى واحد لا تعدد فيه.
وأجيب : بأن النزاع ليس في نفس اللفظ ، بل مدلوله ، ونحن إنما نعبر عن اللفظ بالتسمية ، وإن كانت في اللغة فعل الواضع أو الذاكر ، ثم لا ننكر إطلاق الاسم على التسمية كما في الآية والحديث ، على أن الحق أن المسميات أيضا كثيرة ، للقطع بأن مفهوم العالم غير مفهوم القادر ، وكذا البواقي ، وإنما الواحد هو الذات المتصف بالمسميات.
__________________
(١) في (ب) كثيرا من (ما لا يخفى)
(٢) سورة الأعراف آية رقم ١٨٠
(٣) الحديث أخرجه البخاريّ في كتاب الدعوات ٦٩ وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الذكر ٢ باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها ٢٦٧٧ بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم وفيه زيادة من حفظها دخل الجنة وإن الله وتر يحب الوتر ، وفي رواية ابن عمر «من أحصاها» وأخرجه ابن ماجه في كتاب الدعاء.