الله : فإن الجمهور على أنه علم لذاته المخصوصة ، وكونه مأخوذا من الإله بحذف الهمزة ، وإدغام اللام ، ومشتقا من أله يأله أو وله يوله أو لاه يليه إذا احتجب أو يلوه إذا ارتفع أو غير ذلك (١) من الأقاويل الصحيحة والفاسدة لا ينافي العلمية ولا يقتضي الوصفية ، وقبل غير جائز لأن الوضع يقتضي العلم بالموضوع له ، ولا سبيل للعقول إلى العلم بحقيقة الذات.
وأجيب بأنه يجوز أن يكون الواضع هو الله تعالى ، وبأنه يكفي معرفة الموضوع له بوجه من الوجوه (٢) ككونه حقيقة ذات واجب الوجود. فالموضوع له يكون هو الذات مع أنه لا يعرف بكنه الحقيقة. وأما الاستدلال بأن اسم الله تعالى لا يكون إلا حسنا ، والحسن إنما هو بحسب الصفات دون الذات (٣) ، وبأن اسم العلم إنما يكون لما يدرك بالحسن (٤) ، ويتصور في الوهم ، وأن العلم قائم مقام الإشارة ، ولا إشارة إلى الباري تعالى ، وبأن العلم لا يكون إلا لغرض التمييز عن المشاركات النوعية أو الجنسية فلا يخفى ضعفه (٥).
فإن قيل : اعتبار السلوب والإضافات يقتضي تكثر أسماء الله تعالى جدا (٦) حتى ذكر بعضهم أنها لا تتناهى بحسب لا تناهي (٧) الإضافات والمغايرات ، فما وجه التخصيص بالتسعة والتسعين على ما نطق به الحديث؟ على أنه قد دل الدعاء المأثور عن النبيصلىاللهعليهوسلم على أن لله تعالى أسماء لم يعلمها أحدا من خلقه ، واستأثر بها في علم الغيب عنده ، وورد في الكتاب والسنة أسامي خارجة عن التسع والتسعين كالباري ، والكافي ، والدائم ، والبصير (٨) ، والنور (٩) ، والمبين ، والصادق (١٠) ،
__________________
(١) راجع مشتقات الاسم الأعظم وأقوال العلماء في ذلك في كتاب بصائر ذوي التمييز ج ٢ ص ١٢
(٢) سقط من (ب) كلمة (من الوجوه)
(٣) سقط من (ب) كلمة (دون الذات)
(٤) في (ب) الأحاسيس بدلا من (الحس)
(٥) في (ب) ما فيه من ضعف بدلا (من ضعفه)
(٦) سقط من (أ) لفظ (جدا)
(٧) في (ب) عدم تناهي بدلا من (لا تناهي)
(٨) قال تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
(٩) قال تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
(١٠) قال تعالى : «الصادق الوعد الأمين»