والحال يجب افتقاره إلى المحل فيلزم انقلاب الغني عن الشيء محتاجا إليه ، هكذا قرره الإمام رحمهالله.
ثم اعترض بأنه على التقدير الأول لا يلزم الافتقار لجواز أن توجب ذاته ذلك المحل ، والمحل الحلول ، أو توجب ذاته المحل ، والحلول جميعا ، ووجوب اللوازم والآثار عند المؤثر لا يوجب احتياجه إليها. وعلى التقدير الثاني لا يلزم الانقلاب لأنا لا نسلم (١) أن الحال في الشيء يكون محتاجا إليه كالجسم المعين بحل في الحيز المعين مع عدم احتياجه في ذاته إليه.
وقد تقرر بأنه (٢) إذا كان مستغنيا بالذات لزم إمكانه وقدم المحل وهو ظاهر. واعترض : بأن عدم الاستغناء بالذات لا يستلزم الاحتياج بالذات ، ليلزم إمكانه في قدم المحل لجواز أن يكون كل من الغنى والاحتياج عارضا بحسب أمر خارج.
وأجيب : بأن عدم مجرد الاستغناء بالذات يستلزم الإمكان (لأن الواجب مستغني بالذات ضرورة (٣)) ولا حاجة إلى توسيط الاحتياج بالذات ، وقد يقرر بأنه إن كان محتاجا بالذات لزم إمكانه ، وإلا امتنع حلوله.
وردّ : بأن عدم الاحتياج الذاتي لا ينافي عروض الاحتياج ، فلا ينافي الحلول.
الثالث : أن الحلول في الغير إن لم يكن صفة كمال ، وجب نفيه عن الواجب ، وإن كان لزم كون الواجب مستكملا بالغير وهو باطل وفاقا.
الرابع : أنه لو حل في شيء لزم تحيزه. لأن المعقول من الحلول باتفاق العقلاء هو حصول الفرض في الحيز تبعا لحصول الجوهر.
وأما صفات الباري عزوجل (٤) فالفلاسفة لا يقولون بها. والمتكلمون لا
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (لا نسلم).
(٢) في (ب) إن بدلا من (إذا).
(٣) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٤) في (أ) بزيادة (عزوجل).