من شبه المخالفين
(قال : والقوي إلزاما لزوم قيام المعنى بالمعنى في بقاء الصفات والدفع بأنها لا (١) تتصف بالبقاء أو باقية ببقاء الذات أو بقاؤها نفسها ضعيف).
قال : والقوي إلزاما يعني أن من الشبه القوية في هذا الباب ، وإن كانت مقدماتها إلزامية لا تحقيقية ، أنها لو كانت له صفات قديمة ، لزم قيام المعنى بالمعنى لأن القديم يكون باقيا بالضرورة. وعندكم أن بقاء الشيء صفة زائدة عليه قائمة به ، وأن قيام (٢) المعنى بالمعنى باطل. فمن الأصحاب من لم يجعل البقاء صفة زائدة ، بل استمرارا للوجود ، ومنهم من جوز في غير المتحيز قيام المعنى بالمعنى ، وإنما الممتنع قيام العرض بالعرض ، لأن معناه التبعية في التحيز ، والعرض لا يستقل بالتحيز ، ، فلا يتبعه غيره ، بل كلاهما يتبعان الجوهر. ومنهم من امتنع عن وصف الصفات بالبقاء ، فلم يقل علمه باق ، وقدراته باقية ، بل قال : هو باق بصفاته ، وهذا ضعيف جدا. لأن الدائم الموجد أزلا وأبدا من غير طريان فناء عليه أصلا ، اتصافه بالبقاء ضروري ، ولا يفيد التحرز عن التكلم به. ومنهم من قال : هي باقية ببقاء هو بقاء الذات ، فإنه بقاء للذات وللصفات ، وللبقاء لأنها ليست غير الذات بخلاف بقاء الجوهر ، فإنه لا يكون بقاء لأعراضه ، لكونها مغايرة له ، والبقاء القائم بالشيء لا يكون بقاء لما هو غيره.
بهذا صرح الشيخ الأشعريّ (٣) واعترض عليه :
__________________
(١) سقط من (أ) و (ب) لفظ (لا).
(٢) سقط من (ب) لفظ (قيام).
(٣) هو علي بن إسماعيل بن إسحاق ، أبو الحسن من نسل الصحابي أبي موسى الأشعريّ ، مؤسس مذهب الأشاعرة. كان من الأئمة المتكلمين المجتهدين. ولد في البصرة عام ٢٦٠ ه وتلقى مذهب المعتزلة وتقدم فيهم ثم رجع وجاهر بخلافهم. وتوفي ببغداد عام ٣٢٤ ه قيل بلغت مصنفاته ثلاثمائة كتاب منها «الإبانة» «ومقالات الإسلاميين» و «ومقالات الملحدين».
راجع طبقات الشافعية ٢ : ٢٤٥ والمقريزي ٢ : ٣٥٩ ، وابن خلكان ١ : ٣٢٦.