إلّا لأنّه بعد ما رفع اليد عن العام الأوّل بالنسبة إلى كلتا الأختين وعلم بعدم دخول جميعهما تحته وعدم إمكان كلّ بعينها للزوم الترجيح بلا مرجّح يدور الأمر بين العمل بالعموم في الواحدة لا بعينها وبين طرحه بالنسبة إليها أيضا ، فقضيّة أصالة العموم يعيّن الأوّل.
فعلم أنّه يصحّ إجراء أصالة العموم في الأحد لا بعينه بعد عدم إمكانها في كلّ من الخصوصيّات المعيّنة ، وإذا صحّ تعيّن في المقام أيضا ؛ لأنّه أيضا مثل الآية ، غاية الأمر أنّ المخصّص في الآية لفظي وفي المقام عقلي ، ولا يوجب هذا فرقا كما هو واضح ، فيكون المرخّص فيه هو الأحد لا بعينه ، واختيار تعيينه موكول إلى المكلّف.
لأنّا نقول : إجراء حكم جواز النكاح في إحدى الاختين لا بعينها بعد رفعه عن المجموع ليس بواسطة عموم العام المذكور ، بل إنّما عليه دليل مستقلّ وهو نفس الدليل اللفظي الذي تصدّى لحرمة الجمع بين الأختين ، فإنّه بمدلوله اللفظي المفهومي يدلّ على جواز نكاح الأحد ، حيث إنّه في مقام الحصر لمحرّمات النكاح من النساء ، كما يظهر من ملاحظة الآية الدالّة على ذلك ، حيث إنّ فيها حصر محرّمات التزويج في الأفراد التي عدّ فيها التي من جملتها الجمع بين الاختين ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ المخصّص هنا لبيّ وهو حكم العقل بقبح الترخيص في كلا المشتبهين وعدم إمكان الترجيح بلا مرجّح من دون تعرّض فيه لجواز الترخيص في الأحد لا بعينه ، فينحصر الأمر فيه في التمسّك بأصالة العموم وإدراج الأحد لا بعينه في العموم ، وقد عرفت أنّه فرع دخوله في العموم ومصداقيّته له ، والحال أنّه لم يكن قطّ كذلك ، فعلم أنّ قياس المقام بالمثال المذكور مع الفارق.
والحاصل أنّ المخصّص كلّما كان لفظيّا ومتعرّضا لحال الأحد وبقاء حكم العام فيه كان هو الدليل عليه دون عموم العام وإن كان لبيّا ، فلا يمكن التمسّك لثبوت الحكم فيه بالعام ، والمفروض عدم دليل آخر ، فتحصّل أنّ الظهور اللفظي قاصر عن إثبات هذا المقصد.