الاجتماع فهل ترى الوجدان متأمّلا في شمول القضيّة المذكورة للأحد التخييري المقدور؟ وبعد مسلميّة هذا الارتكاز في هذين المثالين وأمثالهما نقول بمثله في المقام.
وإن شئت فقل : نستكشف من هذا الارتكاز أحد أمرين ، إمّا أولويّة التقييد على التخصيص كما هو الوجه الثالث وعدم ورود ما سنورد عليه ، وإمّا كون الأحد التخييري داخلا في مفاد العام كما هو هذا الوجه ، فيدلّ على صحّة أحد الوجهين ، (١) وهذا المقدار يكفينا أيضا ، هذا.
ولكن يمكن الفرق بين مقامنا وتلك الأمثلة ، وبيانه أنّه كلّما كان في البين عام أو مطلق شامل بعمومه أو إطلاقه للأفراد التعيينيّة ثمّ ورد مخصّص أو مقيّد لفظي أو عقلي علم تعلّقه بعنوان الجمع كان الارتكاز المذكور فيه موجودا ، وحينئذ فلعلّ السرّ في ذلك أنّ التخيير مستفاد من وجود المقتضي في كلّ فرد فرد المحرز من إطلاق المادّة في القضيّة ، ومن انحصار المانع عن جريان هذا المقتضي في عنوان الجمع ، فإنّ لازم ذلك تأثير المقتضي في صورة الانفراد ، لخلوّه عن المانع.
وبالجملة ، قد استفيد التخيير من العقل بعد إحراز مقدّمتين من اللفظ ، إحداهما : وجود الاقتضاء المستفاد من إطلاق مادّة العام ، والثانية : انحصار المانع في عنوان الجمع المستفاد من المخصّص ، وبعد ذلك فالحاكم بالتخيير هو العقل دون أن يكون مستندا إلى اللفظ ، ويكون من باب حفظ ظهوره بمرتبة بعد عدم التمكّن من حفظه بالمرتبة العليا ، أو من باب ترجيح التقييد على التخصيص.
وحينئذ فنقول : بعد اشتراك مقامنا مع المثالين في أنّ في الجميع لفظ العام متعرّض للمتعيّنات وموجب بحكم إطلاق المادّة لكون مقتضى الحكم موجودا في كلّ واحد واحد من المتعيّنات يفترقان عن مقامنا بأنّ الخارج في المثال الأوّل
__________________
(١) لا يخفي أنّ المثال العرفي الآتي في الوجه الثالث يوجب شهادة الارتكاز على المقام فلاحظ. منه قدسسره الشريف.