الذي هو معدوم أبقه على العدم أو أوجده ، ولا معنى لإبقاء المعدوم على العدم ثانيا ، ولا لإيجاده مع كونه معدوما ، وكذا الحال في طرف الموجود ، وإذن فلا بدّ من عدم النظر في الأحكام بأسرها إلى حالتي وجود المتعلّقات وعدمها.
والحاصل أنّ بناء هذا الإشكال على أخذ الإطلاق للحكم بالنسبة إلى فعل وترك موضوعه وقياسهما بغيرهما من سائر الطواري والعوارض ، وتخيّل أنّ قولنا : إن تركت هذا فأنت مرخّص في فعل ذاك وإن تركت ذاك فأنت مرخّص في فعل هذا بمنزلة قولنا : إن جاء زيد أكرم عمرا وإن جاء عمرو أكرم زيدا ، فكما أنّ المعنى في الثاني أنّه : إن جاء زيد فسواء جاء عمرو أم لم يجيء أكرم عمرا ، وإن جاء عمرو فسواء جاء زيد أم لم يجيء أكرم زيدا ، ففي تقدير مجيئي عمرو في الأوّل ومجيئي زيد في الثاني يحصل الحكم بإكرام الجميع يعني أنّ العمرو الجائي والزيد الجائي يجب إكرامهما معا ، كذلك المعنى في الثاني ، أنّه إن تركت هذا فسواء تركت ذاك أم فعلته فأنت مرخّص في فعل ذاك ، وإن تركت ذاك فسواء تركت هذا أم فعلته ، أنت مرخّص في فعل هذا ، فيلزم في تقدير ترك ذاك في الأوّل وترك هذا في الثاني الرخصة في الجمع.
ومحصّل الجواب أنّ التكليف لا يمكن سوقه على وجه وقع حالتا فعل متعلّقه وتركه تحته ، لا إطلاقا ولا تقييدا ، نعم هو موجود في حالهما ، والأحوال المأخوذة في الموضوع على أحد الوجهين معنى أخذها أنّه لو اخذ الموضوع مقترنا بكلّ من تلك الأحوال ، فالحكم يشمله إمّا بدلا وإمّا تعيينا.
مثلا قولنا : أعتق رقبة ، يصدق عليه أنّه حكم شمل الرقبة المقرونة بالإيمان والمقرونة بالكفر على البدل ، وهذا لا يمكن في الفعل والترك للموضوع ، مثلا لا يمكن «أن يقال»: إنّ الفعل المقرون بالترك محكوم بحكم كذا ، أو الفعل المقرون بالفعل محكوم بحكم كذا ، لا على وجه الإطلاق ولا التقييد ، بل لا بدّ أن يقال : إنّ ذات الفعل مطلوب نقض عدمه بالوجود أو إمساك عدمه.
وحينئذ نقول : إذا قال : إن تركت هذا ، فحينئذ قد لاحظ شرط الرخصة في ذاك