ولكن حين يقول : فأنت مرخّص في ذاك ، ليس معنى هذا أنّ ذاك إن كان منتركا في علم الله فلك الرخصة في ضمّ ما شئت من الفعل أو الترك إلى انتراكه ، وإن كان مقرونا بالفعل في علمه تعالى فلك الرخصة في ضمّ فعل أو ترك إلى فعله حتّى يقال : إنّ في الفرض الأوّل قد لوحظ شرط الرخصة في هذا وهو ترك ذاك أيضا ، فلزم الرخصة في الجمع ، بل المعنى أنّه: إن تركت هذا فأنت مرخّص في تبديل ترك ذاك بالفعل وإبقاء تركه وبالعكس ، ففي كلّ لحاظ يكون شرط الرخصة في أحدهما موجودا دون الجميع ؛ إذا الفرض أنّه أيّا منهما يجعل تحت الترخيص لا يلاحظ له تركا مفروغا عنه ، بل يجعل محفوظيّة تركه مبدّلا بأن كان الأمر إلى المكلّف.
وإن شئت قلت : إنّ الحاكم عند لحاظ الموضوع حيث لاحظ الذات المجرّدة عن قيد الفعل والترك ولم يلحظ الإطلاق بالنسبة إليهما فهو أبدا يكون شرط ترخيص أحدهما في لحاظه غير موجود ، ففي صورة كون الطرفين في علم الله ممّا يتركه المكلّف في ما يستقبل ، فالمكلّف في هذا الحال ليس خارجا عن تحت التكليف ، بل هو مكلّف ، ولكن على وجه أنّه إن ترك هذا فهو مرخّص في ذاك وبالعكس.
ومعنى هذا أنّه على تقدير يجعل ترك هذا محفوظا فهو مرخّص في نقض ترك ذاك بالفعل ، وعلى تقدير جعله ترك ذاك محفوظا ، فهو مرخّص في نقض ترك هذا بالوجود ، ومن الواضح أنّه على الأوّل لم يبق شرط الرخصة في هذا وهو محفوظيّة ترك ذاك محفوظا ، بل رخّص في نقضه بالوجود ، نعم لو كان المعنى هو الرخصة في جعل ترك ذاك مقرونا بالفعل وضمّ الفعل إلى حالة تركه كان شرط رخصة هذا محفوظا ، ولكنّه غير واقع.
والتحقيق في الجواب عن هذا الوجه (١) أنّ الأمر دائر بين حفظ أصالة العموم
__________________
(١) أي الوجه الثالث أورده قدسسره في الهامش وأثبتناه في المتن.