المتّصلة بالكلام ، لكون إدراك العقل موجودا حين التكلّم به ، فإنّ مجرّد هذا لا يوجب صرف ظهور الكلام ما لم يكن الحكم العقلي من المرتكزات العرفية التي يصحّ أن يتّكل عليه في تفهيم المرادات ، فحينئذ يكون من قبيل القرائن المقاميّة وبدون ذلك فمجرّد الإدراك العقلي لا يكون صارفا ، فلهذا يحمل معه الكلام الصادر من غير الحكيم على الكذب ، ومنه على تضييق المراد الجدّي وكون الاستعمالي واسعا لمصلحة ، ولو كان من القرائن لكان الأمر في كلا المقامين على خلاف ذلك ، هذا.
ولكنّ التمسّك بالإطلاق لإثبات الرخصة في أحد طرفي العلم الإجمالي لا على التعيين بعد محلّ إشكال ؛ (١) إذ لا يبعد أن يقال : إنّ حكم الرخصة في الأدلّة معلّق على عنوان المشكوك وما بمعناه من حيث هذا العنوان من غير تعرّض للطواري ، فهى متعرّضة للأمن والاستراحة من العقوبة من ناحية ارتكاب المشكوك ، ومن هذه الجهة هو حكم عام يشمل كلّ مشكوك حتّى المقترن بالعلم الإجمالي ، ولكن ليس له نظر وتعرّض للعنوان الآخر العارض ، وأنّ المكلّف من حيث العناوين الأخر المجتمعة مع هذا العنوان المشكوك هل هو في راحة أو لا؟
وحينئذ ففي الشكوك البدويّة يكون عموم الأدلّة جاريا ومعمولا به ؛ إذ لا مانع فيها عن فعليّة هذا الحكم الحيثيّتي ، وأمّا في أطراف العلم فالمانع موجود وهو المعلوم الإيجاب أو التحريم الإجمالي الموجود بين الأطراف ، فهذا العنوان له اقتضاء التحريم من حيث هو وما لم يرد عليه الإذن الفعلي الشرعي ، فلو ارتكب المكلّف أحد أطراف الشبهة واتّفق مصادفته مع الحرام المعلوم ، فهو وإن لم يكن بمقتضى عموم هذه الأدلّة مأخوذا ومسئولا من جهة أنّه أتى بمشكوك الحرمة ، ولكن لا ينافي أن يكون مأخوذا ومسئولا من جهة أنّه أتى بالمعلوم الحرمة إجمالا.
__________________
(١) هذا الإشكال وارد على التقريب الأوّل أيضا على تقدير تماميّته وعدم ورود ما أوردنا عليه سابقا. منه قدسسره الشريف.