بعدم هذا الجلد المشكوك وعدمه بعد اشتغال الذمّة بذاك العدم ، فلا يفرغ الذمّة إلّا مع العلم بالبراءة والفراغ ، وهو يتوقّف على ترك لبس واحد من الجلود المعلومة كونها من غير المأكول ، فالأصل هو الاحتياط بلا إشكال ، وهذا القسم كما عرفت غير واقع.
وأمّا القسمان الآخران فهما محلّ التشاجر والكلام في الموانع الشرعيّة أنّها من أيّ منهما ، أحدهما اعتبار الوجود السرياني ، والآخر صرف الوجود ، فقوله : لا يجوز الصلاة في جلد غير المأكول ، هل هو بمعنى أنّ كلّ فرد من جزء غير المأكول وجد في الدنيا فقد تعلّق به الحكم المزبور بالاستقلال ، أو أنّ الحكم مختصّ بصرف وجود هذه الطبيعة المتوقّف عدمه على عدم جميع الأفراد.
والحقّ كون النهي المنعي كالنفسي ظاهرا في الأوّل ، ويظهر الثمرة في حال الاضطرار ببعض من الأفراد ، فعلى الأوّل يتقدّر الجواز على قدر الضرورة ، ولا يجوز التعدّي إلى غيره لأن غيره منهيّ مستقلّ ، وعلى الثاني يباح جميع الأفراد بالاضطرار إلى واحد ، وكيف كان فالمهمّ التكلّم في صورة الشكّ الموضوعي من القسمين.
فنقول : لو شككنا في القسم الأوّل كما لو علمنا أنّ الصلاة مقيّدة بعدم جزء غير المأكول باعتبار وجوده السرياني مطلوبة ، بحيث كلّ فرد من جزء غير المأكول متى وجد يتعلّق به هذا الحكم مستقلّا ، ولكن شككنا في الجلد الخاص أنّه من الأرنب أو الغنم ، فهذا راجع إلى الشكّ في الأقلّ والأكثر من جهة أنّ التقيّد بالعنوان بهذا النحو يرجع إلى تقيّدات بعدد الأفراد ، فالصلاة متقيّدة بعدم جلد الأرنب وعدم جلد الهرّ وهكذا ، وإن كان هذا المشكوك أيضا من غير المأكول فالصلاة متقيّدة بعدمه أيضا.
فالشكّ له حيثيّتان ، من إحداهما يصير نظير الشكّ في أنّ المائع الخاصّ خمر أو لا ؛ إذ كما أنّ أصل حكم لا تشرب الخمر معلوم والشكّ في كون هذا خمرا ، كذلك هنا أيضا «لا تلبس جلد غير المأكول» معلوم والشكّ في كون الجلد