لا يكونان ملتفتين ، وإذا التفتا خرجا عن كونهما ساهيا وناسيا ، فلا محالة يكون تخصيص الخطاب بهما لغوا ؛ لأنّه لا يصلح للداعويّة بحال ، وإذن فلا يتفاوت الخطاب بالمركّب التام بحسب الاقتضاء في حال الذكر والنسيان ، فالمكلّف إذا أتى بتمام الأجزاء فهو وإن ترك بعضها نسيانا يجب عليه التدارك في الوقت والقضاء في خارجه في ما يشرع فيه القضاء كالصلاة ، لأن المفروض أنّ عمله ناقص.
ويمكن الخدشة في هذا التقريب بوجهين مأخوذ أصلهما من مجلس بحث سيّدنا الميرزا الشيرازي قدّس الله تربته الزكيّة.
الأوّل : أنّه كما قلتم : إنّ عدم اشتراك التكليف الاقتضائي بالتام بين العامد والناسي واختصاصه بالأوّل يلزم منه تخصيص الثاني بالخطاب الفعلي بالناقص ، فنحن نقول : لا يلزم منه ذلك ، بل أمر الناسي مردّد بين هذا وبين أن لا يكون له خطاب فعلي أصلا لا بالناقص ولا بالكامل ، ولا إشكال في أنّه لا يمكن خطابه الفعلي بالكامل ؛ لأنّ المفروض عزوب ذهنه عن أحد أجزائه ، فتكليفه تكليف الغافل وهو قبيح ، وحينئذ فإن لم يكن الأمر الثاني وهو عدم الخطاب الفعلي رأسا لزم تخصيص الناسي بالخطاب ، وقد عرفت المحذور فيه، وعلى هذا فالتكليف الفعلي بأي وجه كان لا بدّ من رفع اليد عنه في حقّ الناسي والجزم بعدم ثبوته له مطلقا.
وحينئذ نقول : عدم الإرادة في حقّ الناسي رأسا وكونه كالبهائم مقطوع العدم جزما ، بل الإرادة الذاتيّة الالهيّة والتكليف الاقتضائي في حقّه ثابت محفوظ ، وهذه الإرادة الذاتية أمرها مردّد بين التعلّق بالناقص وبين التعلّق بالكامل ، ونسبتها إلى كلّ منهما على السويّة ، ولا يأبى عنه العقل في شيء منهما ، فيكون الأمر في حقّ الناسي من حيث هذه الإرادة الذّاتية مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، فيكون المكلّف بعد التذكّر والفراغ عن العمل شاكّا في تعلّق الارادة الذاتيّة بالأقلّ أو بالأكثر ، غاية الأمر أنّه على فرض تعلّقها بالأقلّ يكون ما أتى به امتثالا له ، فأصالة البراءة عن التعلّق بالأكثر جارية فلا يجب عليه الاحتياط والإعادة.
فإن قلت : الإجماع القائم على اشتراك المكلّفين في التكليف وعدم تغيّر