الحكم باختلاف عناوين السهو والعمد والذكر والنسيان يوجب تعلّق الارادة في حقّ الناسي بالأكثر ، فيتعيّن عليه الاحتياط.
قلت : هذا إنّما هو في الغفلة عن نفس الحكم ، بمعنى أنّه لو كان في الواقع حكم وغفل عنه المكلّف فلا يوجب هذه الغفلة تغيير ذاك الحكم ، للزوم التصويب الباطل ، بعض أقسامه بالعقل وبعضها بالإجماع ، وأمّا كون الغفلة في الموضوع موجبة لتغيير حكم هذا الموضوع كما هو المراد في المقام فليس على خلافه إجماع ، فيمكن أن تكون الجزئيّة للسورة الملتفت إليها دون المغفول عنها ، وهذا نظير ما استقربناه من حديث الرفع من اختصاص الحرمة بالخمر المعلوم الخمريّة دون مشكوكها.
الثاني : أنّ تخصيص الناسي بالخطاب ممكن ، فيمكن أن ينوّع الشارع ويصنّف المكلّفين في الحكم إلى العامد والساهي ، قولكم : يلزم اللغوية ، قلنا : لا يلزم ، لأن الالتفات إلى السهو والنسيان إنّما لا يحصل في حال حصولهما ، وأمّا العمل التدريجي الحصول كالصلاة فيحتمل المكلّف عند الشروع فيه أن يكون عند الجزء الفلاني المتأخّر كالسورة غافلا عن هذا الجزء وتاركا له ، وأن يكون ملتفتا إليه وآتيا به ، فيظهر داعويّة الأمر المذكور في حقّ هذا الشخص ؛ لأنّه يأتي بالعمل حينئذ بقصد الأمر الواقعي بأيّ شيء تعلّق ، وهكذا يتحرّك بتحريك هذا الأمر إلى آخر العمل ، فإذا فرغ عن العمل وكان ساهيا عن الجزء كان المحرّك له الأمر بالناقص ، وإن كان ملتفتا إليه كان محرّكه الأمر بالكامل ، بل ويمكن داعويّة هذا الأمر في حقّ القاطع بكونه ملتفتا إلى آخر العمل مع كونه في الواقع ساهيا ، فإنّه وإن كان يقصد حينئذ الأمر بالكامل ، إلّا أنّه من باب الخطاء في التطبيق ، فيكون داعيه أيضا هو الأمر بالناقص.
وهذا الوجه كما ترى مع إمكانه في حدّ ذاته له إمكان الوقوع في الشرع أيضا ، فهو أولى من تصوير آخر ذكر لذلك ردّا على شيخنا العلّامة ، فإنّه ممكن ، وليس له إمكان الوقوع في الشرع.
وحاصله أنّ الالتفات في حال السهو والنسيان إنّما لا يمكن إلى هذين العنوانين ، وأمّا إلى عنوان آخر ملازم لهما فبمكان من الإمكان ، فلو فرض أنّ عنوان بلغميّ المزاج مثلا ملازم وجودا وعدما مع عنوان الناسي ، فالناسي يمكن أن يلتفت إلى