كان المسافة بينه وبين بلد الإمام بعيدة لا يمكن الوصول بأقلّ من شهر مثلا ، وهو قبل مضيّ الشهر محتاج إلى العمل ، ومثل هذا لم يكن نادرا.
وبالجملة منع إطلاق الشبهة في غاية المنع ، إلّا أن يقال : إنّ ايجاب الاحتياط الذي استكشفتموه من الإطلاق وجعلتموه مصحّحا للعقاب وبيانا على الواقع لا يصلح لهذا ، بيانه أنّ المتداول على الألسنة في باب طريقيّة الطرق والأمارات بناء على ما هو التحقيق من عدم الموضوعيّة والنفسيّة أحد المبنيين.
الأوّل : أنّ الطريقيّة بنفسها أمر قابل للجعل ، وهي جعل غير العلم بمنزلة العلم في كونه منجّزا عند الإصابة ومعذّرا عند الخطاء ، وحينئذ يكون التكليف المستتبع لهذا الوضع إرشاديّا صرفا ، نظير الأمر باتّباع العلم.
والثاني : أنّ الشارع يوجد موضوع الإطاعة وهو الأمر المولوي باتّباع مؤدّى الأمارة ، ومن المعلوم أنّ مخالفة الأمر المولوي يستتبع صحّة العقوبة ، لكن حيث إنّ هذا الأمر كان لأجل رعاية الواقع والاهتمام بشأنه فلا محالة لا عقوبة على مخالفته من حيث نفسه ، بل من حيث أدائه إلى مخالفة الواقع الذي هو المطلوب الواقعي ، فلا عقوبة مع عدم الأداء المذكور.
وبالجملة ، هذا أيضا سنخ من الأمر في قبال النفسي والغيري وشأنه الاتّحاد مع الأمر الواقعي لدى المصادفة معه ، وهذا معنى كونه جديّا حينئذ ، ويصير أمرا صرفا بلا ملاك في متعلّقه عند عدم الإصابة ، وهذا معنى صوريّته حينئذ ، فلا عقوبة مع عدم الإصابة ، وتكون العقوبة على مخالفة الواقع مع وجودها ، ومن هذا القبيل أيضا إيجاب الاحتياط إذا كان طريقيّا ، هذا ما تداول في الألسن.
ويمكن الخدشة فيه بأنّه إن كان مرجع هذا الأمر الذي سمّوه طريقيّا إلى أنّ الشارع لكثرة اهتمامه بالواقعيّات لم يرفع اليد عنها في حال الشكّ أيضا وأنّه بصدد استيفائها من العبد في هذا الحال أيضا ، فمعناه أنّه العياذ بالله يعاقب العبد من دون بيان ، ويرتكب ما استقلّ العقل بقبحه.
وإن كان مرجعه إلى أمر مردّد بين الجدّي والصوري كما ذكروه في هذا لم