عاصيا من جهة ترك الجزء العاشر عمدا ، ومع ذلك لا يجب عليه الإعادة لفوت المحلّ.
ولا يشكل فى صحّة الأقلّ حينئذ إذا كان عبادة بأنّه مفوّت للمصلحة اللزوميّة التامّة فكيف يكون صحيحا وعبادة ، مع أنّ تفويت المكلّف المصلحة اللزوميّة المطلقة عمدا واختيارا على نفسه حرام ؛ لأن جواب ذلك قد حقّق فى مبحث الضد بأنّ فعل أحد الضدّين لا يكون علّة لترك الآخر كالعكس ، بل كلّ منهما مستند إلى شيء آخر ، ففعل الضدّ مستند إلى إرادته ، وترك الآخر مستند إلى الصارف عنه ، هذا مضافا إلى أنّ التفويت المحرّم فى المقام يبتني على صحّة الأقلّ ، لوضوح أنّه مع بطلانه لا تفويت فى البين ، فلا يمكن أن يكون موجبا للبطلان ، وإلّا يلزم من وجود الشيء عدمه ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ الالتزام المذكور لا نصير إليه إلّا إذا وجب المصير إليه وحصل الإلجاء لورود دليل قطعي ، وأمّا إذا لم يكن فى البين دليل قطعي فالظاهر من الجزء والشرط لدى العرف هو ما يلزم من عدمه اختلال المركّب وبطلانه. وإذن فعموم المستثنى منه فى الرواية الشريفة منصرف عن ترك الجزء والشرط عمدا.
وحينئذ نقول : عموم الرواية يشمل ترك الجزء سهوا ونسيانا وجهلا ، سواء كان كلّ من السهو والنسيان والجهل فى الموضوع ، أعني نفس الجزء أم فى حكمه ، مثلا ترك السورة سهوا قد يكون لأجل السهو فى نفسها ، وقد يكون لأجل السهو فى حكمها ، وكذلك تركها نسيانا قد يكون لنسيان نفس السورة ، وقد يكون لنسيان حكمها ، وكذلك تركها جهلا قد يكون لأجل الجهل بنفسها ، وقد يكون لأجل الجهل بحكمها ، فهذه ستّة أقسام نحكم فيها بعدم لزوم الإعادة بمقتضى عموم الرواية ، ولكنّ العلماء رضوان الله عليهم لم يحكموا بذلك إلّا فى قسمين منها وهو السهو فى نفس الجزء والنسيان فيه أيضا دون بقيّة الأقسام ، ولم يعرف له وجه ، ولكنّه يوجب عدم جزم الفقيه وعدم جرأته على الإفتاء.
الثاني : هل الرواية تشمل زيادة الجزء حتّى لو كان فى البين دليل مطلق يدلّ