أمرتك بمتابعته مطلقا ، فما عذرك في الترك؟
فهذا نظير أن يشخّص المولى الظاهري صداقة شخص ويأمر بإكرامه مبنيّا على هذا التشخيص ، فإنّ العبد إذا علم بأنّ المولى أخطأ في التشخيص لا يجب عليه الإكرام ، وأمّا عند الشكّ فحجّة المولى عليه تامّة ، هذا حال الطرق.
وأمّا عنوان الاحتياط فحيث إنّه متقوّم بالشكّ ومعنى الشكّ كونه ذا طرفين وكون احتمال المصادفة والعدم متطرّقا بالسويّة فحينئذ إن خصّ الآمر أمره بتقدير المصادفة يصير لغوا ؛ إذ ما دام الشكّ لا يحرّك ، وإذا ارتفع ينقلب الموضوع ؛ إذ لا الاحتياط مع العلم ، فلا محالة يصير ملاك المصادفة حكمة موجبة لتسرية الحكم إلى صورتي المصادفة والمخالفة ، فإن صادف فليس وراء التكليف الواقعي شيء ، وهذا الظاهري أيضا منطبق عليه ، فلهذا يكون الثواب والعقاب على الواقع وإن لم يصادف ، فيصير قهرا أمرا مستقلّا ذا ثواب وعقاب مستقلّين.
والحقّ في الجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار أن يقال :
أمّا أوّلا فلأنّه كما قلنا في أخبار القرعة في محلّه أنّ المشكل غير المشكوك والمحتمل ، فالأوّل خصوص ما إذا انسدّ الطريق من كلّ جهة من الأمارات والأصول عقليّة وشرعيّة ، بخلاف الأخيرين ، فإنّهما أعمّ من ذلك ، وعلى هذا فالقاعدة سالمة عن التخصيص ، كذلك يمكن أن يقال بنظير ذلك في عنوان المشتبه الواقع في هذه الأخبار وأنّه عرفا مغاير للمحتمل مفهوما ، فالأوّل خاصّ بالمحتمل الذي لم يعلم أنّ عاقبته خير أم شرّ ، والثاني عام منه ومن صورة العلم بعدم شريّة العاقبة.
وعلى هذا فيصير هذا العنوان بنفسه متقيّدا بالشبهة التي يكون فيها البيان ، لأنّ ما ليس فيه البيان نعلم بعدم شريّة عاقبته ولا نحتاج في ذلك إلى تقييده بسبب التعليل وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فتكون الشبهة البدويّة قبل الفحص والشبهة المحصورة داخلتين فيه ، وأمّا الشبهة البدويّة بعد الفحص فكونها من مصاديق المشتبه فرع إحراز وجود البيان في هذه الشبهة بالنسبة إلى السائلين وهو غير