وقد يجاب
أوّلا : بانّ هذا الإطلاق مقيّد في الشبهة الحكميّة بما بعد الفحص ، للإجماع القائم على وجوب الفحص فيها.
وثانيا : بأنّ هذا الإطلاق مقيّد في هذه الشبهة بما بعد الفحص بسبب العلم الإجمالى بوجود واجبات ومحرّمات في الشريعة ؛ فإنّ من لوازم التصديق بنبوّة النبي صلىاللهعليهوآله والعلم برسالته عن الله تعالى هو العلم بثبوت تكاليف من واجبات ومحرّمات يكون المكلّف مأخوذا بها ، والوقائع المحتملة للتكليف بتمامها أطراف لهذا العلم ، فيجب فيها بمقتضى العلم الإجمالي الفحص والطلب.
ويرد على الأوّل أنّ الإجماع في مثل المسألة ممّا يتمشّى فيه الأدلّة الأخر من العقل والنقل لا يصلح للاعتماد ، ويرد على الثاني أنّ العلم الإجمالي تارة يدّعى بوجود الواجبات والمحرّمات في نفس الأمر ، واخرى يدّعى بوجودها فيما بأيدينا من الكتب ، فإن كان المراد هو الأوّل ، ففيه أنّه مع عدم تحصيل مقدار من المسائل يساوي مقدار المعلوم بالإجمال يكون العلم باقيا ، فلا يكون الفحص رافعا لأثره من وجوب الاحتياط في المسائل المشكوكة ، فلا تكون البراءة جارية فيها بعد الفحص أيضا ، ومع تحصيل هذا المقدار من المسائل يكون العلم منحلّا ، ومعه لا مقتضى لوجوب الفحص في المسائل المشكوكة ، فتكون البراءة جارية فيها قبل الفحص أيضا.
وإن كان المراد هو الثاني ففيه أنّه وإن كان مفيدا للمدّعى قبل تحصيل مقدار المعلوم بالاجمال من المسائل بلحاظ أنّ المسألة المشكوكة على هذا تكون من أطراف العلم قبل الفحص ، وتكون شبهة بدوية بعده وذلك لاحتمال كونها ممّا في الكتب قبل الفحص ووضوح عدم كونها كذلك بعده ، إلّا أنّه لا يفيد المدّعى بعد تحصيل المقدار المذكور ؛ لانحلال العلم حينئذ كما ذكرنا في الوجه الأوّل ، فمقتضى العلم الإجمالي على هذا أخصّ من المدّعى ، كما أنّه على الوجه الأول كان مباينا له هذا.