على من أوجد المقتضي للقتل دون من حصل عدم المانع عنه ، فلو أنّ قائلا قال : لا أرتكب القتل ، فرأى أحدا يقصد إيجاد مقتضيه من إمرار السكّين على حلق الغير ، وآخر يقصد إيجاد مانعة من أخذ السكّين ، فمنع الآخر عن إيجاد المانع لا يعدّ هذا منافيا مع قوله المذكور ، ولا يصدق عنوان القاتل إلّا على فاعل الإمرار ، نعم يصدق على كليها أنّه ترك حفظ النفس ، فيشترك المعصية بينهما ، إلّا أنّ عنوان القاتل مختصّ بالثاني ، فيختصّ القصاص والدية به ، فكذلك الحال في عنوان الإضرار.
فلو منع الشارع من إيجاد مانعة مع حصول مقتضيه لا يكون منافيا مع قوله : «لا ضرر» وأمّا حكم التجويز المذكور فهو راجع إلى إيجاد المقتضي من ناحية الشارع ، فيكون منافيا معه ، فالمعيار حينئذ ملاحظة أنّه إلى أيّ الشخصين يوجّه الضرر بحسب مقتضيه الطبيعي.
فإن كان متوجّها إلى النفس فحكمه ما ذكر ، وإن كان متوجها إلى الغير فلا يجب عليه تحمّله للدفع عن صاحبه ، فلو رأى الماء جاريا بحسب مقتضيه الطبيعي إلى دار صاحبه لا يجب عليه فتح سبيله إلى دار نفسه ؛ لأنّه لو أوجب عليه الشارع ذلك كان هو المخرّب لداره ، فيكون منافيا مع قوله : «لا ضرر» وأمّا لو لم يوجب ذلك لم يستند إليه التخريب أصلا ، أمّا بالنسبة إلى هذا الشخص فلعدم الإيجاب ، وأمّا بالنسبة إلى صاحبه فلأنّ المقتضي للتخريب هو الماء دون الشارع ، فلا يكون عدم الإيجاب منافيا مع قوله المذكور.