بناء على التزاحم ، وإمّا من جهة القاعدة العقليّة بناء على التعارض ، ولكن جوازه لا ينافي ثبوت الضمان ، بمعنى أنّ المالك لو حفر البئر كان عليه تدارك ضرر الجار ، لكونه داخلا في عموم «من أتلف» ولا يمكن رفع هذا الحكم بقاعدة لا ضرر باعتبار أنّ الحكم على المالك بالتدارك ضرر عليه ، وجه عدم الإمكان أنّ هذا حكم وارد في مورد الضرر ، فيلزم من نفي القاعدة إيّاه عدم بقاء المورد له أصلا ، بل اللازم تخصيص القاعدة بهذا الحكم ، فيكون دليل الضمان مخصّصا للقاعدة لا محكوما لها.
بقي الكلام فيما يقال تمسّكا بقاعدة نفي الضرر من أنّه لو كان الضرر متوجّها إلى أحد الشخصين فلا يجوز له دفعه إلى الغير ، فلو كان ماء السيل جاريا سمت الدار ، أو السهم مقبلا سمت الشخص وفي رديفه شخص آخر فلا يجوز له أن يفتح سبيل الماء إلى دار الغير أو يخفض رأسه مثلا ليقع السهم على الغير ، فإنّه قد يشكل عليه بأنّ منع الشخص عن دفع الضرر عن نفسه ضرر وحرج عليه وليس فيه منّة شخصيّة ولا نوعيّة كما هو واضح.
ويمكن أن يقال في توجيهه بأنّه إذا كان الماء جاريا بحسب المقتضيات الطبيعيّة الخارجيّة مع قطع النظر عن المقتضيات الشرعيّة الإلهيّة إلى دار شخص فخربها فليس المخرّب هو الشارع ، بل هو الماء ، ولكن لو جوّز حينئذ إرسال الماء الى دار الغير فخر بها كان المخرّب هو الشارع ؛ لأنّ التخريب يستند إلى فعل المرسل ، وهو مستند إلى تجويز الشرع ، فيكون التخريب مستندا إلى تجويزه ، وهذا بخلاف ما إذا لم يجوّز ذلك ومنع عن إيجاد المانع عن دخول الماء في الدار ، فإنّ حصول الخراب حينئذ وإن كان ناشئا من أمرين : أحدهما جريان الماء بحسب المقتضي الطبيعي والآخر منع الشارع عن إيجاد المانع ، إلّا أنّ إسناد التخريب لا يصحّ إلّا إلى الماء ، فإنّ الأثر إنّما يستند إلى المقتضي دون عدم المانع ، فالمحرق إنّما هو النار دون عدم الرطوبة.
وبالجملة ، عنوان الإضرار حاله كعنوان القتل ، فكما لا يصدق عنوان القاتل إلّا