عرض واحد ، وأمّا لو كان أحدها في طول الباقي من جهة حكومة الباقي عليه كما في المقام فلا يكون هذا الأحد معدودا في شيء من طرفي المعارضة ، هذا ما يقال.
والحقّ عدم صلاحيّة قاعدة الناس للمرجعيّة بناء على التعارض أصلا ؛ لأنّ صلاحيّتها موقوفة على ثبوت الإطلاق والنظر لها بالنسبة إلى الحالات ، بأن يكون مفادها أنّ للمالك التصرّف في ملكه بأيّ تصرّف شاء ولو كان هو الإضرار على غيره ، ومن المقرّر في محلّه خلاف ذلك وأنّ القاعدة ليست بمشرعة ، بمعنى أنّها قضيّة حيثيتيّة ، ومفادها أنّ المالك من حيث إنّه مالك لا يكون ممنوعا عن التصرّف في ماله كما كان ممنوعا عن التصرّف في مال غيره ، فلا تفيد القاعدة إلّا ارتفاع ذاك المنع ، فلا ينافي أن يكون التصرّف في مال النفس ممنوعا من جهة عروض عارض.
ألا ترى أنّ أحدا لا يفهم من هذه القاعدة جواز رفع الإنسان عصاه ووضعه على رأس إنسان آخر مع أنّه لم يفعل إلّا تصرّفا في ملكه؟ ولا يرى المعارضة أحد بين هذه القاعدة وبين دليل حرمة هذا العمل من أدلّة حرمة الإضرار على الغير.
وحينئذ نقول : معنى وقوع التعارض في قاعدة الضرر والحرج في الطرفين كون أحد الطرفين خارجا عن عموم القاعدة في نفس الأمر ، مع كون الآخر داخلا ، غاية الأمر حصول الشكّ لنا في تمييز الخارج عن الداخل في مرحلة الإثبات ، فوقوع التعارض يكون بهذه الملاحظة ، وحينئذ فمن المحتمل أن يكون الفرد الخارج عن العموم هو نفس مورد قاعدة «الناس» أعني الحفر ، فيكون محرّما ، وقد فرضنا أنّ القاعدة لا نظر لها إلى المحرّمات ، فتكون مجملة لا يترتّب عليها فائدة ، بل يساوي وجودها مع عدمها ، فينحصر المرجع في القاعدة العقليّة وهو جواز الحفر ، لعدم الدليل على المنع.
فتحقّق من جميع ما ذكرنا أنّ الحفر جائز إمّا من جهة مرجحيّة قاعدة «الناس»