يلزم هذا القصد في صورة اختيارهما فقط مع عدم لزومه في صورة اختيار الآخر مع تعبديّة أحد الطرفين.
ويلزم في القسم الثاني اختيار إتيان العمل في تمام الوقائع أو تركه في جميعها ، ويلزم البقاء في الوقائع المتأخّرة على ما بنى عليه في الواقعة الاولى ، وليس له العدول عنه إلى غيره ، فيكون التخيير بدويّا.
ولكن قد يقال في القسم الثاني بعدم إمكان المخالفة القطعيّة كالموافقة القطعيّة بملاحظة أنّ القطع بالمخالفة لا يحصل إلّا بملاحظة كلّ واقعة منضمّة إلى الواقعة اللاحقة ، وإلّا فلو لوحظت منفردة كانت واقعة واحدة شخصيّة لا يمكن فيها شيء من الموافقة القطعيّة والمخالفة القطعيّة.
ولا يخفى أنّ الواقعة اللاحقة عند ابتلاء المكلّف بالواقعة السابقة لا يكون محلّا لابتلاء المكلّف ولا يكون التكليف الموجود فيها منجّزا على المكلّف ؛ لعدم حصول شرطه ، فصلاة الجمعة في الاسبوع الثاني لا يكون المكلّف مأخوذا بها في الاسبوع الأوّل ، فلا وجه لملاحظة التكليفين في حال واحد مع خروج أحدهما عن محلّ الابتلاء ، وعلى هذا فيكون حكم العقل في كلّ واقعة هو التخيير في نفسها ، فيكون التخيير استمراريّا.
قلت : بعد ما عرفت في بحث مقدّمة الواجب من أنّ الواجب المشروط المعلوم حصول شرطه في المستقبل يكون كالواجب المطلق بلا فرق ، يتّضح لك دفع هذا ، فإنّ صلاة الجمعة في الاسبوع الثاني مشروط بشرط شرعي معلوم الحصول في المستقبل وهو وجود الاسبوع الثاني ، وبشروط عقليّة يكون بحكم المعلوم بواسطة الأصل العقلائي وهي وجود المكلّف وحياته وقدرته في الاسبوع الثاني ، فيكون كالتكليف المطلق الموجود في الاسبوع الأوّل ، فكما يجب على المكلّف مقدّمات وجوده يجب عليه أيضا مقدّمة العلم به.