الثاني : الاستقراء أعني : تتبّع الجزئيات ، والفرق بين هذا وسابقه أنّه قد يتتبّع فتاوى الأصحاب بمقدار يبلغ حدّ الإجماع وهذا هو الوجه الأول ، وقد يتتبّع حكم الشارع في الموارد الجزئيّة على طبق الحالة السابقة مع قطع النظر عن الفتاوى ، وهذا هو المراد بالثاني ، وحينئذ فحاصل مرامه قدسسره من هذا الوجه أنّا إذا تتبّعنا كلّ مورد مورد من الموارد من أوّل الفقه إلى آخره ممّا حصل فيه الشكّ في شيء بعد اليقين به سابقا من جهة الشكّ في حصول الرافع لهذا الشيء وجدنا الشارع حكم فيه بثبوت هذا الشيء في اللاحق ، وهذا الاستقصاء يفيد القطع بالجامع بين جميع تلك الموارد وهو الاعتبار بالحالة السابقة على وجه الكليّة.
وأمّا بعض الموارد التي لم يحكم الشارع فيها على طبق الحالة السابقة كالحكم بنجاسة الرطوبة المشتبهة الخارجة قبل الاستبراء من البول أو المني وبعد تطهير المحلّ على خلاف أصالة الطهارة واستصحاب طهارة المحلّ ، فليس من باب إلغاء الحالة السابقة وعدم الاعتناء بها ، بل يكون من باب حجيّة الأمارة القائمة على الخلاف ؛ فإنّ الغالب في من بال أو أمنى ولم يستبرئ وجود البول والمني في المخرج ، فالحكم على خلاف الحالة السابقة يكون من جهة تقديم هذا الظهور على الكون السابق ، لا من جهة عدم الاعتناء بالكون السابق ، وإلّا فإن كان الوجه هو الثاني كان المتعيّن هو الحكم بالطهارة من جهة قاعدة الطهارة ، ويظهر منه قدسسره الركون إلى هذا الوجه ، ولهذا ذكر بعد ذلك ما حاصله أنّ هذا الاستقراء يكون أولى من الاستقراء الذي تمسّك به غير واحد منهم المحقّق البهبهاني وسيّد الرياضقدسسرهما ، لاعتبار شهادة العدلين على وجه الإطلاق.
الثالث : الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ ، ويجب ملاحظة كلّ واحد واحد من هذه الأخبار والتأمّل في مدلوله كمّا وكيفا ، ثم ملاحظة أنّ المستفاد من المجموع ما ذا ، ولكن قبل الاشتغال بذلك ينبغى التنبيه على مطلب ذكره شيخنا قدسسره وحاصله أنّه وإن كان لهذه الأخبار إطلاق بالنسبة إلى الموارد باعتبار أنّ نقض اليقين بالشكّ كما يصدق في مورد الشكّ في الواقع يصدق في الشكّ في