المذكور في الكلام بمعونة المناسبات المقاميّة ، وفي بعض آخر إلغاء القيد المذكور في الكلام من جهة تلك المناسبات ، ففي قوله عليهالسلام : الماء إذا بلغ قدر كرّ لا ينجّسه شيء ، يفهمون اعتبار قولنا : بالملاقاة ، مع عدم ذكره في الكلام أصلا ، فكذلك في مقامنا هذا يفهمون إلغاء خصوصيّة كون اليقين متعلّقا بالوضوء من جهة المناسبة المقاميّة. ووجه ذلك أنّه بعد جعل اليقين مقابلا للشكّ والحكم عليه بعدم انتفاضه بالشكّ يصير الحكم بعدم الانتفاض مناسبا لجنس اليقين ، ولو كان خصوصيّة تعلّقه بالوضوء مذكورة في الكلام يفهم العرف عدم دخالة هذه الخصوصيّة من جهة هذه المناسبة ، وحينئذ تكون الرواية مفيدة لقاعدة كليّة هي حجيّة الاستصحاب في جميع الأبواب من أوّل الفقه إلى آخره.
بقي الكلام في الإشكال المتقدّم الذي ارتضاه شيخنا المرتضى قدسسره في شمول الرواية للشك في المقتضي ، وقد سدّ بابه الاستاد الأكبر ومجدّد المذهب في رأس المائة الرابعة عشر الميرزا الشيرازى قدّس الله تربته الزكيّة ، كما فتح بابه المحقّق الخوانساري أعلى الله مقامه الشريف ، وشرح ما أفاده قدسسره في تقريب دفع الإشكال أنّ مادّة النقض ضدّ الإبرام ، ومعنى الإبرام أن يكون للشيء أجزاء شتات ، فجمع تلك الأجزاء على وجه التداخل والاستحكام، ومعنى النقض أن يجعل تلك الأجزاء المتداخلة المستحكمة شتاتا منفصلا بعضها عن بعض.
فالنقض رفع الإبرام والاستحكام ، فنقض الغزل والحبل ضدّ إبرامهما الذي هو عبارة عن جمع أجزاء الحبل والغزل وجعلها مستحكمة ، ونقضهما جعل تلك الأجزاء شتاتا ، وليس النقض عبارة عن رفع الهيئة الاتصاليّة الطولانيّة ، وإلّا فقطع الحبل من وسطه لا يسمّى نقضا ، بل قطعا.
وحينئذ نقول : المعنى الحقيقي لمادّة النقض غير ممكن الإرادة في الرواية ؛ لوضوح أنّه ليس فى البين شيء له أجزاء محسوسة خارجيّة حتّى يرد فيه الإبرام والنقض ، ولكن يمكن أن لا يكون للشيء أجزاء محسوسة وكان استعارة مادّة النقض فيه مناسبة ، وذلك كما في نقض العهد والبيعة ، وجه المناسبة أنّ العهد عبارة