الإعادة ، ووجود النجاسة في حالها أثره العقلي وجوبها ، فاستصحاب الطهارة بلحاظ هذا الأثر العقلي أصل مثبت.
وأمّا الدفع ، فهو أنّ وجوب الإعادة وعدم وجوبها وإن كانا حكمين عقليّين ، إلّا أنّ منشأهما بيد الشرع ؛ إذ للشارع أن يعتبر شيئا في المأمور به حتى تجب الإعادة بدونه ، وله أن لا يعتبره فيه حتّى لا تجب الإعادة بدونه ، فإذا حكم الشارع في حال الشكّ في الطهارة والنجاسة لاحقا مع العلم بالطهارة سابقا لعدم نقض اليقين بالشكّ ، فمقتضى ذلك رفع اليد عن اعتبار الطهارة في حال الشكّ ، ولازم ذلك عقلا عدم وجوب الإعادة ، فيكون هذا الأثر ثابتا لنفس الحكم الاستصحابي ، وقد حقّق في محلّه أنّ الأثر الثابت لنفس الحكم الاستصحابي مترتّب وإن كان عقليّا كوجوب الامتثال.
ثمّ إنّ شيخنا المرتضى قدّس سرّة بعد ذكر عدم إمكان جعل قوله عليهالسلام : وليس ينبغي الخ ، كبرى لعدم وجوب الإعادة بناء على الوجه الثاني من حمل قوله : فرأيت فيه على رؤية النجاسة السابقة بعد الصلاة ، ذكر إشكالا حاصله أنّ مقتضى عدم نقض اليقين الحاصل قبل ظنّ الإصابة بالشكّ الحاصل حال الشروع في الصلاة أمران ، جواز الدخول في الصلاة، وعدم وجوب إعادتها بعد الإتيان ، فالإعادة بعد اليقين بالنجاسة نقض لليقين الأوّل بالشكّ المذكور ، فيصحّ الاستدلال على عدم وجوبها بقاعدة عدم نقض اليقين بالشكّ.
فأجاب عن هذا الإشكال بأنّ عدم وجوب الإعادة أثر عقليّ لصحّة الصلاة ، فلا يمكن إثباته بالاستصحاب ، ثمّ ذكر الوجه الأوّل بعد ذلك بأسطر قليلة وحكم بأنّه سالم عمّا يرد على الوجه الآخر ، فمقتضى حكمه قدسسره بالسلامة في هذا الوجه اندفاع إشكال كون عدم وجوب الإعادة أثرا عقليّا بما ذكرنا من كون منشائه بيد الشرع ، ومقتضى جوابهقدسسره عن الإشكال المذكور يكون عدم وجوب الإعادة أثرا عقليّا عدم سلامة الوجه الأوّل عن هذا الإشكال أيضا ، فبين كلاميه قدسسره تهافت واضح.