الجاثليق حيث قال : ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه ، هل تنكر منهما شيئا؟ قال عليهالسلام أنا مقرّ بنبوّة عيسى وكتابه وما يبشّر به امّته واقرت به الحواريّون ، وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وكتابه ولم يبشّر به امّته.
فذكر بعض السادة على حسب ذلك بأنّا نؤمن ونقرّ بنبوّة موسى أو عيسى الذي أقرّ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ولا نقرّ بنبوّة كلّ موسى أو عيسى لم يقرّ بذلك.
فاعترضه الكتابي بأنّ موسى أو عيسى ليس كليّا قابلا للتقسيم ، بل هو جزئي حقيقي ، وحاله معهود وشخصه معروف ، ونحن وأنتم معترفون بنبوّته ، ولا يفرق الحال في نبوّة هذا الشخص المعيّن بين إقراره بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وعدم إقراره ، فمقتضى الاستصحاب بقاء نبوّته إلى أن يثبت بطلان دينه ونسخ شريعته ، فعند ذلك أفحم بعض السادة.
أقول : الحقّ في جواب الكتابي أن يقال : إنّ حال هذا الكتابي لا يخلو من قسمين ، لأنّه إمّا أن يتمسّك بهذا الاستصحاب في مقام عمل نفسه فيما بينه وبين الله تعالى ، وإمّا أن يتمسّك به في مقام إسكات المسلمين وإلزامهم.
فيتوجّه عليه على الأوّل أنّ النبوّة المستصحبة ملزومة لأمرين ، الأوّل الاعتقاد الجناني بها ، والثاني العمل الأركاني بأحكام الشريعة السابقة ، فلا يمكن إثبات لازمها الأوّل بالاستصحاب ؛ لأنّ الاستصحاب حكم في حال الشكّ ، ولا يمكن أن يجتمع الاعتقاد مع الشكّ ، فلا يصحّ أن يقال : أيّها الشاكّ في الأمر الفلاني تيقّن به مع كونك شاكّا به ، نعم يمكن إذا كان المقصود مجرّد عقد القلب بوجود المشكوك أو إزالة الشكّ وتبديله باليقين ، لا تحصيل اليقين مع حفظ الشكّ كما هو المقصود في المقام ، وهل هو إلّا أمرا بالجمع بين النقيضين؟
وأمّا إثبات اللازم الثاني بالاستصحاب فقد تقدّم الكلام فيه وأنّه لا إشكال في جريان الاستصحاب مع أحد الشرطين المتقدّمين ، لكن يرد على الكتابي أنّ