على ما إذا كان المتيقّن السابق حكما أو موضوعا مستقلّا للحكم ، بل نقول بجريانه فيما اخذ قيدا للموضوع أو جزء ، فلو شكّ في دخالة الوضوء في الصلاة بعد اليقين بها سابقا يستصحب الدخالة ؛ لأنّ لنفس الدخالة عملا سابقا ، فالمعيار في مورد الاستصحاب كلّ ما كان له عمل سابق وكان من شأن الشارع الحكم بإبقائه عملا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ هنا أقساما مختلفة ظهورا وخفاء في جريان الاستصحاب وعدمه.
منها : ما إذا لم يكن المتيقّن حكما شرعيّا ولا موضوعا له ، وكان منتهيا إلى الأثر الشرعي بأن كان علّة لما هو الموضوع للأثر الشرعي أو علّة لعلّته فصاعدا.
ومنها : ما إذا لم يكن حكما ولا موضوعا ولا منتهيا إلى الأثر الشرعي وكان لازما ومعلولا لما هو الموضوع للأثر الشرعي.
ومنها : ما إذا كان بينه وبين موضوع الأثر الشرعي مجرّد التلازم في الوجود بأن كانا معلولين لعلّة ثالثه ، وحينئذ قد يكون اللزوم بينهما اتّفاقيا كما في الإنائين المشتبهين ، حيث إنّ طهارة أحدهما ملازمة لنجاسة الآخر وبالعكس اتّفاقا ، وقد يكون عقليّا أو عاديّا.
ومنها : ما إذا كان شيئا له أثر شرعي بلا واسطة ، لكن كان ترتّب الأثر عليه بحكم العقل ، كما لو احرز المقتضي للوجوب وشكّ في المانع عنه ، فأصالة عدم المانع يترتّب عليه الوجوب وهو أثر شرعي ، لكنّ الحاكم بترتّبه على عدم المانع هو العقل.
ومنها : ما إذا لم يكن المتيقّن مجعولا ولا موضوعا للأثر الشرعي ، ولكن كان منتزعا عمّا هو بيد الشرع كالصحّة والفساد ، حيث إنّهما أمران عقليّان منتزعان عن
__________________
ـ موضوعه بين الحكم الواقعي والظاهري ، وأمّا العمل الخارجي فهو أثر لنفس اليقين الطريقى ، فعدم نقضه بمعنى بقاء هذا العمل حكم ظاهري موضوع لوجوب الامتثال فيما إذا كان المتيقّن السابق هو الحكم. منه عفي عنه.