المطابقة للمأمور به وعدم المطابقة له ، لكن منشأ انتزاعهما بجعل الشرع ، إذ للشارع أن يرفع قيديّة القيد في مرحلة الظاهر حتّى ينتزع الصحّة عن العمل الخالي عنه.
ولا بدّ من التكلّم في الخفيّ من هذه الأقسام وهو القسم الأوّل ، ويتّضح منه الحال في غيره.
فنقول : إذا كان المتيقّن السابق المشكوك اللاحق موضوعا غير مجعول وكان له لازم عقلي أو عادي ، وكان لازمه ملزوما للازم عقلي أو عادي ، وهذا اللازم أيضا ملزوما للازم آخر وهكذا إلى أن ينتهى إلى ما هو ملزوم لحكم شرعي ، فقد يقال بأنّه لا مانع من إحراز الاستصحاب في الشيء الأوّل الذي تحقّق فيه اليقين السابق والشكّ اللاحق باعتبار ذاك الحكم الشرعي المترتّب عليه بوسائط ، لأنّ ترتيب هذا الحكم إبقاء عملي لذاك الشيء ، فيشمله عموم «لا تنقض اليقين بالشكّ» بناء على ما مرّ من تفسيره بالإبقاء العملي.
وبالجملة ، فالإبقاء العملي كما يصدق فيما إذا كان الحكم الشرعي مترتّبا على نفس المتيقّن بلا واسطة ، كذلك يصدق فيما إذا كان مترتّبا عليه بوسائط ، فإنّه أيضا ينتهي إليه بالأخرة ؛ لأنّ أثر الأثر أثر.
والحقّ خلاف ذلك ، لأنّ المتبادر من حرمة نقض المتيقّن السابق ووجوب إبقائه في اللاحق ترتيب أحكام نفس المتيقّن بلا واسطة ، لا ما ينتهي إليه معها ، فإذا شكّ في وجود زيد بعد القطع به سابقا وكان لازم وجوده إلى زمان الشكّ عادة طول لحيته وكان لوجوده آثار ولطول لحيته أيضا آثار فقيل : لا تنقض اليقين بوجود زيد وعامل معاملة بقائه ، كان هذا منصرفا إلى الآثار الاول دون الثانية ؛ لعدم انطباق عنوان معاملة بقاء زيد من حيث إنّه بقاء زيد إلّا على الاولى.
وأمّا الثانية فإنّما ينطبق عليها عنوان معاملة بقاء زيد من حيث إنّه ملزوم لما ينتهي إلى ملزوم هذه الآثار ، والحاصل أنّ تنزيل وجود زيد في حال الشكّ منزلة