فالقضيّة في الصورة الاولى مشتملة على عموم واحد أفرادى ، وفي الصورة الثانية على عمومين ، أحدهما أفرادى والآخر أزماني ، والثاني في طول الأوّل ، وكيف كان فلا إشكال في الرجوع إلى العموم في كلتا الصورتين فيما إذا خرج فرد في زمان وشكّ فيه فيما بعد هذا الزمان ، نعم لو سقط العموم عن الاستدلال بجهة من الجهات قال شيخنا المرتضى : لا مورد للاستصحاب ؛ لأنّه إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
وفيه أوّلا عدم تماميّته في الصورة الثانية ؛ لما فرضنا من أنّ وحدة الموضوع لا ينثلم بتعدّد الأزمان ، وثانيا أنّ المعيار في موضوع هذا الاستصحاب ملاحظة دليل الخاص لا العامّ ، فإن اخذ الزمان في دليل الخاص على الوجه الأوّل لا يجوز الاستصحاب سواء اخذ في دليل العام على الوجه الأوّل أم الثاني ، وإن اخذ في دليل الخاص على الوجه الثاني يجوز الاستصحاب من غير فرق بينهما أيضا ، هذا كلّه لو بنينا في موضوع الاستصحاب على الموضوع الدليلى.
ولو بنينا على الموضوع العرفي كما هو الحقّ ، فيمكن إحراز وحدته عرفا ولو في ما إذا اخذ الزمان قيدا مفردا في كلّ من العام والخاص كما هو واضح.
واخرى يلاحظ العموم الزماني على وجه الاستمرار ، فيفرض الزمان شيئا واحدا مستمرّا ، وهذا في القضايا التي لم يتعرّض فيها للزمان رأسا ، كما في «أوفوا بالعقود» فإنّه إمّا أن يحمل هذا القضايا على إرادة زمان ما ، وهو غير مراد قطعا ؛ للزوم اللغويّة ، وإمّا أن يحمل على زمان معيّن ويدفعه مقدّمات الحكمة ، وحيث إنّ الزمان بحسب طبعه أمر واحد مستمرّ وإنّما يتقطّع ويتجزّى بسبب فرض الفارض ، فلهذا ينزّل الإطلاق بدليل الحكمة على الاستمرار دون الاستغراق ؛ لأنّ الاستغراق هو المحتاج إلى المئونة دون الاستمرار.
وقد يصرّح بهذا المعنى أي الاستمرار في اللفظ كما يقال : أكرم العلماء دائما ، وكيف كان فقد يقال في هذه الصورة أيضا بتعيّن الرجوع إلى العموم بتقريب أنّ معيار الرجوع إلى العموم هو الظهور اللفظي ودخول مورد الشكّ تحت مدلول