الموجودة معها في كلّ مقام سواء كانت بمعنى عدم ترتّب الأثر على الفعل المشكوك ، لأنّ الشكّ في ترتّب الأثر وعدمه مسبّب عن الشكّ في تماميّة الفعل وعدمها ، فإذا حكم بتماميّته فلا حكم لهذا الشكّ ، أم كانت بمعنى عدم كون الفعل بحيث يترتّب عليه الأثر لعين ما ذكر ، فإنّه ليس مفاد أصالة الصحّة إحراز التماميّة والصحّة بعنوانها ، وإنّما هو إحراز نفس الجزء أو الشرط المشكوك الذي هو المنشأ لانتزاع الصحّة والتماميّة.
نعم يبقى الكلام في الاستصحابات الموضوعيّة التي لا ينفكّ عن هذا الأصل ؛ فإنّ الشكّ في صحّة العمل لا محالة يكون من جهة الشكّ في ما يعتبر فيه من جزء أو شرط ، فاستصحاب العدم إمّا جار في نفس هذا الجزء أو الشرط ، كما في استصحاب عدم البلوغ في ما إذا شكّ في بلوغ العاقد ، وعلى فرض عدم جريانه فيه من جهة كونه مأخوذا باعتبار الوجود في المحلّ كما في عربيّة العقد ـ فإنّ استصحاب العدم غير جار فيها لو شكّ فيها ؛ فإنّ العبرة بالعربيّة المحمولة على العقد وعدمها المحمول عليه فلا عبرة بعدم العربيّة المطلقة ـ يكون جاريا في المقيّد كأصالة عدم وجود العقد العربي في هذا المال.
فنقول : أمّا في ما إذا لم يكن الأصل في نفس الجزء أو الشرط جاريا فإذا شكّ في وقوع العقد عربيّا أو فارسيّا واعتبرنا فيه العربيّة فأصالة الصحّة يقتضى كون العقد عربيّا ، فيترتّب عليه الصحّة والانتقال ، وأصالة عدم وجود العقد العربى فى هذا المال يقتضي عدم انتقاله.
فإن قلنا بأنّ مفاد الأصل الأوّل هو إحراز نفس العربيّة المشكوكة لا تطبيقها على العقد فمفادها أنّ ما صار سببا للشكّ وهو المتمّم للعقد حاصل ، لا أنّ العقد عربي ، كما أنّ مفاد أصالة الصحّة في عمل نفس المكلّف في ما إذا شكّ في الحمد مثلا بعد مضيّه أنّ الحمد قد أتي به ، لا أنّ الصلاة قد أتي بها مع الحمد ، فحينئذ لا إشكال في تقدّم الأصل الأوّل على الثاني ؛ لأنّ الشكّ في وجود العقد العربي في البين وعدمه مسبّب عن الشكّ في وجود القيد وعدمه ، ضرورة أنّ الشكّ