في المقيّد ناش عن الشكّ في أحد أجزائه التحليلية من الذات والتقيّد ، والذات هنا محرزة بالوجدان ، والشكّ إنّما هو في التقيّد ، فإذا حكم بوجود القيد فلا حكم للشكّ الأوّل ، ولا عكس.
فإن قلت : إحراز ذات القيد وحده غير كاف ، بل لا بدّ من إحراز التقيّد أيضا ، وإحرازه بهذا الأصل لا يتمّ إلّا على الأصل المثبت.
قلت : هذا إذا كان مجرى الأصل هو القيد بوصف التجرّد وكان معتبرا في العمل بوجوده السرياني فيه ، لا بوجوده في محلّ كاعتبار عدم كون اللباس من أجزاء غير المأكول في الصلاة ؛ فإنّ استصحاب عدم كون اللباس كذلك لا يثبت تقيّد الصلاة بذلك ، وهذا بخلاف الطهارة ، فإنّها اعتبرت في الصلاة باعتبار وجودها في المصلّي ، فاستصحاب الطهارة لا يحتاج إلى إحراز التقيّد ؛ لأنّ تقيّد الصلاة بصدورها عن هذا الشخص محرز بالوجدان ، وهكذا الكلام في ما إذا كان مجرى الأصل هو القيد مع الخصوصيّة.
ومن هذا القبيل ما نحن فيه ، فإنّ مفاد أصالة الصحّة أنّ كلّ ما يكون مورثا لشكّك حاصل ، فيفيد القيد والتقيّد جميعا.
فإن قلت : وجود المقيّد مغاير للأجزاء التحليلية بالبساطة والتركيب ، والإجمال والتفصيل ، والرتق والفتق ، ولا يكون أثرا شرعيّا أيضا لوجود الأجزاء ، فما وجه رفع الشكّ فيه بواسطة الأصل الجاري في الأجزاء ، فإذا كان للإنسان مثلا حكم وكان الأصل عدمه واحرز الحيوان بالوجدان والناطقيّة بالأصل فبأيّ سبب يترتّب على هذا الأصل حكم الإنسان ، وكيف يكون هذا من الأصل السببى والمسبّبي؟
قلت : نعم ، ولكن إذا احرز تمام الأجزاء فقد احرز الموضوع عرفا وإن كان بينهما فرق بالدقّة العقليّة بالإجمال والتفصيل.
وإن قلنا بأنّ مفاد أصالة الصحّة هو التطبيق ، فنقول أيضا بتقدّمها على أصالة عدم وجود المقيّد ، ووجه ذلك أنّ وجه تقديم الأصل السببي على المسبّبي أنّه لو