قدّم الأصل في السبب كان خروج المسبّب من باب التخصيص ، لكونه أثرا شرعيّا للسبب ، ولو قدّم في المسبّب كان خروج السبب من باب التخصيص ، والخروج الحكمي ، والتخصّص أولى من التخصيص.
وهذا الوجه بعينه موجود في ما نحن فيه وإن لم يكن المقام من ذاك الباب ، وذلك لأنّ هنا شكّين ، أحدهما الشكّ في أنّ العقد العربي موجود أو لا ، والثاني الشكّ في أنّ هذا العقد عقد عربيّ أو لا؟ ، والأصل في الثاني يرفع الشكّ الأوّل بمفاده الأوّلي ولا عكس ، أمّا الثاني فلأنّ أصالة عدم وجود العقد العربي لا يثبت كون هذا العقد غير عربى إلّا بالأصل المثبت ، وأمّا الأوّل ، فلأنّ أصالة كون هذا العقد عقدا عربيّا الذي هو مفاد أصالة الصحّة مفادها الأوّلي تطبيق هذا الكلّي على هذا الجزئي والحكم بوجود هذا الكلّي في هذا الجزئي.
وأمّا الكلام في ما إذا كان الاستصحاب في نفس القيد والجزء جاريا ، فينبغي أوّلا التكلّم في ضابط جريان الاستصحاب وعدمه في القيود ونحوها بحسب الكبرى.
فنقول : إن كان التقيّد محتاجا اليه ولم يمكن إحرازه بالأصل لعدم الحالة السابقة وكان مجرى الأصل ذات القيد المجزّى والمعرّى عن العلاقة والارتباط بالذات فلا يكون الاستصحاب في القيد جاريا سواء كان القيد وجوديّا أم عدميّا ، وسواء كان الاستصحاب في جانب الوجود أم في طرف العدم ، وذلك لأنّه يحتاج إلى إثبات التقيّد الذي هو المعنى الحرفي ، والمحتاج إليه في تحقّق عنوان المقيّد الذي هو الموضوع للحكم.
ومثال ذلك في الاستصحاب الوجودي واضح ، وكذلك في العدمي سواء في صورة اعتبار القيد الوجودي أم العدمي كاعتبار العربيّة في الصيغة واعتبار عدم الوقوع في جزء حرام اللحم في الصلاة ، فاستصحاب عدمها غير جار ؛ لأنّ العدم المرتبط ليس له حالة سابقة ، والعدم المطلق يكون استصحابه مثبتا.
فلا سبيل حينئذ إلّا إلى الاستصحاب في نفس المقيّد ، وقد عرفت آنفا أنّه إن كان مجرى أصالة الصحّة نفس القيد فالمقام من الأفراد الواضحة للشكّ السببي والمسبّبي ، وإن كان مجراه هو المقيّد فالمقام نظير ذاك الباب ؛ فإنّ هنا قضيّتين