مشكوكتين ، الاولى أنّ الإنسان مثلا موجود أو لا؟ والثاني أنّ هذا الشخص إنسان أو لا؟ ومن المعلوم أنّ الأصل المتكفّل لأنّ الإنسان معدوم لا يثبت أنّ هذا الشخص ليس بإنسان إلّا على الأصل المثبت ، ولكنّ الأصل المتكفّل لأنّ هذا الشخص إنسان يرفع الشكّ في وجود الإنسان ؛ لأنّه متكفّل لأمرين ، أحدهما أنّ الإنسان موجود ، والثاني تطبيقه على هذا الشخص.
وإن كان التقيّد محتاجا إليه وكان له حالة سابقة أيضا ، فاستصحاب القيد وجودا وعدما جار بلا إشكال ، ومنه استصحاب الكرّية والطهارة في الماء بوصف كونهما مرتبطتين وقائمتين به ، واستصحاب عنوان المقيّد أعني الماء الكرّ الطاهر أيضا يجوز في هذا المورد ، ولكنّه غير جار ، لكون شكّه مسبّبا عن الشكّ في القيد ، ثمّ استصحاب القيد والتقيّد يترتّب عليه أثر المقيّد ، ولا يقال : إنّه يحتاج إلى إثبات عنوان المقيّد ، فإنّ إحراز الذات بالوجدان وإحراز التقيّد بالتعبّد يكون عند العرف عين إحراز المقيّد وإن كان بينهما وبين المقيّد مغايرة اعتباريّة.
ولهذا قلنا : إنّ الشكّ في المقيّد يكون مسبّبا عن الشكّ في التقيّد ، فيكون بين هذين وبين المقيّد بينونة وعينيّة عند العرف ، فبلحاظ البينونة يحكم بأنّ شكّيهما سببي مسبّبي ، وبلحاظ العينيّة يحكم بترتّب الأثر الثابت للمقيّد على الأصل المثبت للتقيّد ، وهكذا الحال بعينه في الكلّ والجزء ، فللعرف هنا نظران متناقضان.
وإن كان التقيّد غير محتاج إليه لكون القيد مأخوذا في محلّ كالفاعل ، كاعتبار البلوغ في العاقد واعتبار الطهارة في المصلّي ، فحينئذ لا إشكال أيضا في جريان الاستصحاب في القيد وجودا وعدما ، كما في استصحاب الطهارة لجواز الدخول في الصلاة ، واستصحاب عدمها لعدمه ، وكما في استصحاب البلوغ في شخص لنفوذ العقد الصادر منه وصحّته واستصحاب عدمه لعدمه ، فالقيد هنا لم يجعل ساريا في العمل حتّى يحتاج إلى إحراز تقيّد العمل به ، وإنّما لوحظ تقيّد الفعل بذات الفاعل وهو صدوره منه ، ولوحظ تقيّد الفاعل بهذا القيد ، وهذا التقيّد والقيد كلاهما محرز بالاستصحاب ؛ لوجود الحالة السابقة لهما.