وحينئذ نقول : إن كان مجرى أصالة الصحّة في عمل الغير نفس القيد والتقيّد حصل المعارضة بينها وبين هذا الاستصحاب ، وإن كان مجراها هو المقيّد كان هذا الاستصحاب حاكما ومقدّما عليها ؛ لأنّ الشكّ في المقيّد ناش عن الشكّ في القيد.
فإن قلت : إنّ هذا الاستصحاب غير جار حتّى يكون معارضا أو حاكما ، وذلك لعدم الأثر له ، فإنّ الأثر للعقد الصادر من البالغ ، فعدم الأثر مسبّب عن عدم العقد الصادر عن البالغ ، وبهذا الاستصحاب يحرز العقد الصادر عن غير البالغ ، وهو مضادّ للعنوان الأوّل الذي هو السبب ، وملازم للعنوان الثاني الذي هو نقيض السبب.
قلت : يكفي في شمول أدلّة الاستصحاب والقابليّة لجعل الشارع كون القيد دخيلا في الأثر ، وثبوت الأثر التعليقي له ، وهو أنّ البالغ لو صدر منه العقد فهو نافذ ، وغير البالغ لو صدر منه العقد فغير نافذ ، فللشارع التوسعة والتضييق في هذين الموضوعين لهذين الأثرين التعليقيين ، فله أن يحكم في شخص بالبالغيّة فيحكم بنفوذ العقد الصادر منه ، وفي آخر بعدمها ، فيحكم بعدم نفوذ العقد الصادر منه.
وإن شئت قلت : إنّ أثر البالغ أنّ عقده نافذ ، وأثر غير البالغ أنّ عقده غير نافذ ، فحال هذين الموضوعين حال موضوع الخمر ، حيث أنّ أثره أنّ شربه حرام.
فإن قلت : هذا الاستصحاب مثبت ؛ لأنّ ارتفاع الأثر مسبّب عن ارتفاع مطلق السبب أعني العقد الصادر من بالغ ، وغاية الأمر ارتفاع السببيّة عن هذا العقد الشخصي بالاستصحاب ، وارتفاع الكلّي إنّما يكون بارتفاع جميع أشخاصه ، فلا بدّ من انضمام القطع بعدم صدور سائر الافراد من العقود الصادرة عن أولياء هذا الشخص المأذونين من قبله ، فيحكم بعدم الكلّي بانعدام بعض الأفراد بالوجدان ، وانعدام بعضها بالأصل ، وهذا من الأصل المثبت ؛ فإنّ عدم الكلّي بانعدام الأفراد عقلي إلّا في ما إذا كان الجامع شرعيّا وكان ترتيب عدمه على عدم جميع الأفراد ، ووجوده على وجود أحدها بترتيب الشرع كالحدث والطهارة ونحوهما.
وأمّا استصحاب عدم الجامع فرفع اليد عن الفرض ؛ فإنّ الفرض إتمام المقصود