باستصحاب عدم البلوغ في هذا الشخص الذي صدر منه هذا العقد ، لا باستصحاب عدم العقد الصادر عن البالغ في هذا المال.
قلت : قد يكون الأثر مرتّبا على الكلّي باعتبار صرف الوجود فلا مدخليّة لخصوصيّات الأفراد في الأثر أصلا ، وقد يكون باعتبار الوجود الساري ، وحينئذ يكون لكلّ وجود من الوجودات الخاصّة أثر مستقلّ كحرارة النار ، ومن هذا القبيل ما نحن فيه ؛ فإنّ قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) حكم على أشخاص العقود ، وحينئذ فنفي بعضها بالقطع وبعضها بالأصل لرفع الأثر المترتّب على كلّ واحد ممّا لا مانع عنه أصلا.
بقي الكلام في وجه تقديم أصالة الصحّة على هذه الاصول الموضوعيّة المقتضية للفساد مع ما عرفت من معارضتها لهذا الأصل أو حكومتها عليه بحسب المفاد.
فنقول : وجهه أنّه لو عمل بتلك الاصول في هذه الموارد دونه يلزم لغويّة هذا الأصل الثابت حجيّته ببناء العقلاء وقلّة فائدته وندرة مورده ، فإنّ الشكّ في الصحّة ناش من الشكّ في الإخلال ببعض الأجزاء والشرائط المعتبرة فيه ، ومقتضى الأصل غالبا عدم هذا الشيء الذي نشأ الشكّ منه كما لا يخفي ، فالكلام هنا على نحو ما مرّ في قاعدة الشك بعد تجاوز المحلّ.
ثمّ لو فرضنا قلّة موارد جريان هذه الاصول أمكن التمسّك لتقديم أصالة الصحّة عليها أيضا ، بالسيرة ، فانها قائمة على العمل بأصالة الصحّة في موارد وجود تلك الاصول كاستصحاب كون المصلّي محدثا ، وعدم مأذونيّة البائع من المالك ، وبقاء المبيع على ماليّة الغير ونحو ذلك ، ولا يخفي أنّ السيرة على العمل الخارجي ولا يمكن الاكتفاء في ردعها بالعموم والإطلاق ، بل لا بدّ من التنصيص والتصريح ، فحيث لم يرد ، كشف عن رضاهمعليهمالسلام بها وإمضائهم لها ، والحاصل أنّ السيرة على العمل الخارجي لا يمكن أن يعارض بالعمومات والإطلاقات الدالّة على المنع.
* * *