لا يعود أصل الغير ولا يصير حيّا لموت معارضه ، بل الساقط في زمان يكون ساقطا إلى يوم القيامة.
وكذلك لو طرأ الاضطرار إلى أحد الأطراف بعد حصول العلم مع عدم كون واحد منها مضطرّا إليه حال حصوله ، فقد حكموا بأن التنجيز السابق باق بحاله بالنسبة إلى الطرف الغير المضطرّ إليه ، فهذا إشكال يرد بناء على هذا الوجه على نفس الاصوليين في هذه الصورة من الشبهة الموضوعيّة ، حيث إنّ مقتضى فتاواهم عدم الانحلال في هذه الصورة ووجوب الاحتياط ، ومقتضى هذا الوجه هو الانحلال وعدم وجوب الاحتياط بعد الفراغ عن جواب الأخباريين به في الشبهة الحكميّة ، فلا بدّ إمّا من اختيار جواب ثالث يصحّح به عدم وجوب الاحتياط في سائر الأطراف في هذه الصورة أيضا ، وإمّا من البقاء على هذا الوجه الثاني مع الالتزام بوجوب الاحتياط في هذه الصورة.
وهذا الإشكال غير وارد على الوجه الأوّل ، فإنّ همّ العبد عليه لا يتوجّه إلى الانحلال، بل إلى جواب المولى ، وهو هنا ممكن ؛ إذ له أن يقول في جواب المولى : إنّ الواجب عليّ كان هو الاجتناب عن الغنم الموطوءة من قبل ، وهذه الغنم التي تركت أكلها أيضا موطوءة من قبل بحكم شهادة البيّنة.
وحاصل الوجه الأخير أن يقال : إنّ العلم الإجمالي وإن كان متعلّقا بالأحكام الواقعيّة من الإيجابات والتحريمات الواقعيّة المتعلّقة بالوقائع المشتبهة ، ولكن ملاك حكم العقل في باب الإطاعة ووجوب الامتثال إنّما هو العلم بنفس حكم الله تعالى ، وقيد كونه مجعولا في الرتبة الاولى ملغى وكالحجر ، وحاله حال خصوصيّة إناء الزيد في المثال المتقدّم ، فإذا قام طريق حجّة شرعا على أنّ هذا وهذا وهذا واجب ، وهذا وهذا وهذا حرام وهكذا إلى أن يبلغ عدد المعلوم بالإجمال ، فحينئذ وإن كان لا يحصل العلم بالوجوب والحرمة الواقعيّتين في تلك الموارد ، ولكن نعلم بالوجوب والحرمة الظاهريتين ، فمطلق حكم الله معلوم في تلك الموارد مفصّلا ، ومشكوك في سائر الموارد.