حسب القاعدة ، وحيث إنّ اللوازم المترتّبة على الأوّل خلاف الواقع فالمتعيّن هو الوجه الثاني، فيفرق بين القرائن المتّصلة والمنفصلة ، فالأولى متمّمة ، والثانية من باب تقديم الحجّة على الحجّة.
ثمّ هذا الطريق الثاني هو المعوّل في تقديم الخاصّ على العام والمخرج لهما عن موضوع التعارض ، ولولاه لزم الأخذ فيهما بأخبار العلاج ، كما هو مختار بعض ، وهذا الطريق بعينه جار في المطلق والمقيّد المنفصلين أيضا بلا تفاوت ، هذا تمام الكلام في الخاص والعام والمطلق والمقيّد.
وأمّا المتباينان فهما على أقسام أربعة ، الأوّل : أن يكونا نصّين في تمام المدلول ، والثاني : أن يكونا ظاهرين كذلك ، والثالث : أن يكون كلّ منهما نصّا في بعض المدلول وظاهرا في بعضه ، وكانت النصوصيّة مستندة إلى القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، والرابع : هذا الفرض وكانت النصوصيّة مستندة إلى القدر المتيقّن بحسب الخارج.
وقبل الخوض في أحكام الأقسام لا بدّ من تقديم مطلب وهو أنّ ما تعارف من الجمع بين «افعل» و «لا بأس بالترك» وبين افعل كذا وافعل كذا بطرح ظاهر كلّ من الهيئتين بنصّ الاخرى ليس من باب تقديم النصّ على الظاهر حتّى يقال بمثله في المادّة أيضا ، ويجعل ذلك مؤيّدا وشاهدا للجمع في القسمين الأخيرين من المتباينين أيضا بتقديم نصّ كلّ على ظاهر الآخر.
توضيح الحال أنّ من الشائع المتعارف إطلاق هيئة افعل بلا نصب قرينة صارفة عن الوجوب في موارد الندب امّا لأجل أن لا يتركه المخاطب أو لغير ذلك ، وكذلك استعمال هذه الهيئة بلا نصب قرينة على التخيير في موارده إمّا لأجل أنّه أفضل الأفراد ، أو لرعاية الأنسب بحال المخاطب أو لغير ذلك.
والحاصل قد تعارف عدم نصب القرينة في البابين ، ونحن وإن كنّا عند عدم العثور على القرينة الصارفة نحملهما على الوجوب والتعيين لا لمقدّمات الإطلاق ، ولهذا لا نتوقّف في مقام لا شكّ في كون المتكلّم بمقام البيان أو الإهمال ، بل لأجل الانصراف اللغوي وإن كان سرّه أخفيّة المئونة كما تقدّم في بابه ، ولكن عند العثور