ويظهر من بعض آخر أنّه يجب إرجاء الواقعة وتأخير الأمر إلى لقاء المعصوم عليهالسلام والتوقّف عن العمل بشيء من الخبرين.
ويظهر من واحد منها وهي مرفوعة زرارة أنّه : لو كان أحد الخبرين موافقا للاحتياط تعيّن هو للأخذ ، وإلّا فالتخيير.
والعمدة ملاحظة الحال بين الطائفتين الاوليين ، وأمّا الأخيرة فعلى فرض تسليم السند فالأمر فيها سهل ؛ إذ الظاهر ذكر ذلك فيها في عداد المرجّحات ، ونحن إذا أقمنا شواهد على كون جميع المرجّحات المذكورة في أخبار الترجيح محمولة على الاستحباب كان الأمر في هذا أيضا سهلا.
فالعمدة ملاحظة الاوليين ، وقد استراح شيخنا المرتضى قدسسره بحمل الطائفة الآمرة بالتوقّف على زمان التمكّن من لقاء المعصوم عليهالسلام بقرينة جعل الحكم فيها مغيّا بذلك بخلاف الثانية الدالّة على التخيير ، حيث إنّها إمّا غير مغيّا أو مغيّا بلقاء القائم عجّل الله فرجه ، فيظهر منها التفصيل بين زماني الحضور والغيبة بالتوقّف في الأوّل والتخيير في الثاني.
وقال شيخنا الاستاد دام بقاه : إنّ الظاهر أنّ الآمرة بالتوقّف ناظرة إلى مقام التمييز والرجوع إلى الاستحسانات العقليّة في فهم الصادر من الخبرين عن غير الصادر ، أو تعيين المراد منهما على وجه يرفع التنافي من البين بالظنون الاستحسانيّة الغير الراجعة إلى الظاهر اللفظي والمفهوم المتعارف العرفي ، كما هو دأب الناس وديدنهم عند ورود الخبرين المتنافيين عليهم.
وأمّا الأخذ بأحدهما في مقام العمل ابتداء بدون إعمال رأي واستعمال نظر في مرحلة تشخيص السند أو الدلالة ، بل على نحو الجزاف وعلى طبق المشيّة والإرادة فليس أمرا شائعا ، بل قد عرفت أنّ الشائع المتداول عندهم هو التوقّف وعدم الاختيار بالإرادة وكون ذلك عندهم أخذا بالجزاف.
أمّا أخبار التوقّف فهي ناظرة إلى دستور مقام العمل ، حيث إنّ المكلّف يحتاج في هذا الحال عملا إلى دستور يرجع إليه في عمله ، فجعلوه له الأخذ بأيّهما شاء من