باب التسليم للأئمّة والانقياد لهم عليهمالسلام ، فالأخبار الاول تسدّ باب الاجتهاد واستعمال الرأي ، والثانية تعيّن الوظيفة العمليّة.
فإن قلت : هذا لا يتأتّى في المقبولة ، حيث إنّ المفروض فيها الاحتياج إلى العمل ؛ لفرض وقوع المنازعة في الدين أو الميراث ، وكذلك ما في بعض أخبار التوقّف من قولهعليهالسلام : «لا يعمل بواحد منهما» حيث إنّه صريح الناظريّة إلى مقام العمل.
قلت : أمّا المقبولة فحيث إنّ السائل في مقام رفع الخصومة والمنازعة ، وهو لا يتحقّق بالتخيير ؛ إذ المنازعة بعد بحالها ، فإنّ كلّا يختار ما يناسب مقصوده فتبقى المنازعة بحالها ، فلا محيص عن الترجيح ، فبعد فقد المرجّحات المنصوصة لا ثالث لأمرين ، أحدهما : التوقّف وإرجاء الواقعة إلى زمان تبيّن الحال وكشف الالتباس ، والثاني : استعمال الظنون والاستحسانات وتشخيص الصادر عن غيره وجعله ميزانا لرفع الخصومة ، وهو المحذور الذي أشار إليه بقوله عليهالسلام : فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ، فسمّاه اقتحاما في الهلكة.
وأمّا الخبر الآخر فيجري فيه البيان المذكور أيضا بعد ما عرفت من كون المتداول ليس هو العمل الجزافي بأحدهما ، بل العمل بعد استعمال رأى ونظر في رفع التنافي ، فينصرف بهذه القرينة إلى الثاني ، فلا ينافي ما أثبته أخبار التخيير من العمل بأيّهما من غير سابقة إعمال الرأي ، بل من باب التسليم والانقياد.
وأمّا الخبر الطولاني المرويّ في العيون عن مولانا الرضا سلام الله عليه حيث يتوهم أنّ له لسان حكومة على أخبار التخيير حيث ذكر فيه أنّه : إذا كان أحد الخبرين مشتملا على النهي الكراهي والآخر على الرخصة في ارتكاب المنهي فهذان هما اللذان بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك الاختيار ، فيعلم منه اختصاص أخبار التخيير بباب المكروهات والمستحبّات.
والجواب أنّ المراد من الحديثين المختلفين المعنون بهما في صدر الخبر ما يشمل الاختلاف البدوي الحاصل بين مثل العامّ والخاص أيضا بقرينة ذكر هذا الفرد في الذيل ، حيث إنّ «لا تفعل» و «لا بأس بالفعل» يكون بينهما جمع عرفي ، وإذن