أيضا : لا تكرم النحويّين ، فملاحظة تخصيص العام بالمخصّص اللّبي أوّلا يوجب انقلاب نسبته مع اللفظي وصيرورتها عموما من وجه.
ولكن هذا فاسد ؛ فإنّ مرتبة كلا الخاصّين واحدة ، فلا وجه لملاحظة أحدهما مقدّما على الآخر ، نعم لو كان المخصّص القطعي من قبيل الارتكاز الذي يصلح للاعتماد عليه وجعله قرينة على إرادة الخصوص تمّ ما ذكر ؛ فإنّه من التقييد المتّصل ، فيوجب انقلاب النسبة ، وأمّا مع عدم ذلك فمجرّد كونه قطعيّا إجماعيّا أو عقليّا أو ارتكازيّا غير بالغ تلك المرتبة لا يوجب تقديم ملاحظته على الخاص اللفظي ، وهذا واضح.
وقال المحقّق الخراساني طاب ثراه في وجه عدم الانقلاب أنّ النسبة إنّما هي بملاحظة الظهورات ، وتخصيص العام بمخصّص منفصل ولو كان قطعيّا لا ينثلم به ظهوره وإن انثلم به حجيّته ، انتهى.
واستشكل عليه شيخنا الاستاد أدام الله أيّام إفادته الشريفة بأنّ الظهور الذي لم ينثلم في المنفصل إنّما هو الظهور الانتقاشي التصوّري والظهور التصديقي في الإرادة الاستعماليّة على ما هو الحقّ من عدم ورود التصرّف بالمنفصلات في الإرادة الاستعماليّة ، لكنّ المناط والمعيار في مقام المعارضة وملاحظة النسبة بين الدليلين ليس واحدا من هذين الظهورين ، بل المعيار ملاحظة ما يكون لكلّ من الدليلين في رتبة معارضته مع صاحبه من الحجيّة الذاتيّة في الإرادة اللبيّة.
وتظهر ثمرة هذا الاختلاف في ما إذا ورد عامّان متباينان وورد خاص موافق لأحدهما وفرض القطع بالصدور ، كما إذا ورد : ثمن العذرة سحت ، وورد أيضا : لا بأس بثمن العذرة ، وورد : لا بأس بثمن عذرة المأكول اللحم ، فعلى ما ذكره قدسسره لا بدّ من بقاء المعارضة بين ظهوري العامين ، مع أنّه يمكن دعوى القطع بخلافه ، وأنّ العرف حينئذ يحكم بتخصيص ثمن العذرة سحت بقوله : لا بأس بثمن عذرة المأكول ، فيصيران بمنزلة دليل واحد مفاده أنّ ثمن عذرة غير المأكول سحت ، و