دار جاره ، أو توجّه السهم إلى رأس هذا ، ولو تحرّك عن محلّه يتوجّه إلى رأس آخر ، فلم يجعله من باب التعارض ، بل أوجب تحمّل الضرر وعدم دفعه بإضرار الغير.
ويستشكل عليه بأنّه ما الفرق بين المقامين ، فإنّ منع صاحب الدار عن إيجاد السدّة ودفع السيل عن داره حكم ضرري بالنسبة إليه ، سواء كان توجّه السيل إلى أحدهما بلا عينه، أو إلى داره بالخصوص ، غاية الأمر معارضته بضرر الجار ، فالوجه جعل كلتا الصورتين من تعارض الضررين ، والحاصل أنّه يكفي في صحّة إسناد الضرر إلى الشارع عدم مانعيّته عن وجوده عند تحقّق مقتضيه.
ألا ترى أنّه كما يصحّ طلب عدم القتل من زيد في صورة مباشرته للقتل ، كذلك يصحّ مع مباشرة غيره وقدرته على الممانعة؟ فهنا أيضا بعد فرض أنّ مقتضي خراب الحائط وهو السيل موجود ، فعدم ترخيص الشارع للدفع يصحّح استناد وقوع الخراب إليه ، فترخيصه مع فرض وجود الداعي في نفس صاحب الدار تسبيب لخراب حائط الجار ، وعدم ترخيصه مع فرض وجود السيل المتوجّه نحو الدار ترك للممانعة عن سبب خراب حائط الدار ، فكلّ منهما مناف لقوله : لا ضرر ، بناء على أنّ من بعض مدلوله أنّ الحكم الذي يوجب استناد الضرر إلى الشرع منفيّ.
وأمّا الضرر المتوجّه إلى الغير فيمكن أن يقال : إنّ إيجاب الدفع عنه ولو مع عدم الإيراد على النفس غير مدلول لا ضرر أصلا ، ألا ترى أنّ أحدا لا يفهم من قوله عليهالسلام : لا ضرر وجوب دفع السيل المتوجّه إلى دار الغير وإرساله إلى الصحراء ، وهكذا أمثال ذلك ممّا نقطع بخروجها عن مدلول لا ضرر ، لا كونها تخصيصا فيه.
لا يقال : هذا مناف مع ما اخترت من كون المفاد نفي حقيقة الضرر من دون تقييد، فإنّه على هذا لم ينسدّ هذا الباب من أبواب وجوده.
لأنّا نقول : يكفي في صحّة نفي الضرر على وجه الإطلاق عدم صدور موجبات الضرر من الأحكام من الشارع ومنعه عن الدواعي إلى الضرر ، وأمّا إحداث